للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم الثاني مبِيع مشخَّص، فهذا معَيَّن، وخاصَّتُهُ أنه إذا فات ذلك المشخص قبْلَ القبض انفسخ العقد اتفاقا. واستُثنِي من المشخَّصَات صورتان: النقْدَانِ إذا شخِّصَا وتعيَّنا للحِس، هل تَتَعَيَّنُ أمْ لَا (٦٦)؟ ثلاثة أقوال:

أحدها تتعَيَّنُ بالشخْصِ على قاعدة المشخَّصَاتِ، قاله الشافعي وابن حنبل.

وثانيها أنَّها لا تتعين، وهو مشهور مذهب مالك، وقال به أبو حنيفة.

وثالثها تتعيَّن إن شاءَ بائعها، لأنه أمْلكُ لَها، ولا مشيئةَ لقابضها، فإن اختص النقد بصفةٍ كالحِلْي تعينت اتفاقا.

واحتجّ الشافعي بأمور:

منها أن الدَّين يتعين فلا يجوز نقله إلى ذِمة أخْرى، فوجب أن يتعين النقدان بالقياس على الدَّين.

ومنها أنَّ ذواتِ الامثالِ كأرطال الزيت من خابية واحدة، وأقفزة القمح من صُبْرة واحدة، لا يتعلق بخصوصية، بل كلُّ قَفيزٍ منها يسُدُّ مسد الآخر عند العقلاء، ومع ذلك فلو باعه قفيزاً من ذلك أو رِطْلًا من ذلك، وجعَلَه مَوْردَ العقدِ وعيِّنَه لم يكن له إبدالُه بِغيره، بَلْ يتعيَّن بالتعْيين مع عدم الغرض، فكذلك النقدانِ.

والجوابُ أن الدَّين إِنما يتَعيَّن ولم يَجُزْ نَقْلُهُ، لأن الذمة تختلف باللَّدَدِ وَقُرْبِ الإِعْسار (٦٧)، فلذلك تَعيَّن، ولو حصل في النقدين اختلافٌ لتعيَّن أيضا ذلك اتفاقا، وإنما الكلام عند عدم الاختلاف.


(٦٦) كذا في نسختي ع، وح. وفي نسخة ت: إذا شخصت وتعينت، وفي النسخ الثلاث حصل اختلاف بين إيراد لفظ المثَنى وإعادة الضمير عليه في الفعلين الماضيين، أو الفعل المضارع بعدهما بما يفيد ويناسب الجمع. ولذلك فإن عبارة القرافي أوضح، وهي قوله: النقود إذا شخصت وتعينت للحس، هل تتعيَّنُ أمْ لَا؟
(٦٧) كذا في نسخة ع. وفي نسخة ح: لأن الدَّين يختلف بالرّد وقُرْبِ الاعتبار، وفي نسخة ت. لأن الدين يختلف بالرَّدِ وقَربْ الإِعسار. فالنَسَخ تختلف مع بعضها، في كلمات الدين بدل الذمة، والرد بدل اللدَدِ، وفي كلمة الاعتبار بدل الإِعسار. ولعل الصواب هو: لأن الذمة تخلف باللدد وقرِب الإِعسار، وهو ما في هذا الجواب الثاني عند القرافي رحمه الله فليُتأمل ذلك ولْيُصَّحح.

<<  <  ج: ص:  >  >>