لبن البائع بلبن المشتري، وعدم تمْييز المقدار، فمن غصب ماءً في العاطش، فإن جماعة من العلماء تضمنه القيمة في محل غرمه.
وأما المنافع فالمحرّم منها لا يُخبر، احتقارا لها كالزمار ونحوه، كما لم تجبر النجاسات في الأعيان. واستثتى من ذلك مهر الزنِى بها كَرها، تغليبا لجانب الرأة، فإنها لم تات محرما، والظالم أحقُّ أن يحمَل عليه، ولم يجبرْ اللواط، لأنه لم يقوَّم قط في الشرع، فأشبه القُبْلة والعناق.
وغير المحرّم، منه ما يضمن بالعقود الصحيحة والفاسدة والفوات تحت الأيدي البطلة، ولا تُضْمن منافع الحرّ بحبسه، لأن يده على منافعه، فلا يتصور فواتها في يد غيره. ومنافع الأبضاع تضمن بالعقد الصحيح، والفاسد، والشبهة، والإكراه، ولا تجبر بالفواتِ تحت الأيدي العادية.
والفرق أن قليل المنانجع يجبر بالقليل من الجابر، كثيرها بكثيره، وضمان البضع بمهر المثل، وهو يستحق بمجرد الإِيلاج، فلو جُبِر بالفوات لوجَب مالا يمكن ضَبطه، فضلا عن القدرة عليه، فإن كل ساعة يفوت فيها من الإِيلاجات شيء كثير. وأما النفوس فإنها خارجة عن هذه القوانين لمصالح تذكر في الجنايات.
فرُوعٌ في الزواجر:
الأول: الحنفيُّ إذا شرب يسير النبيذ، قال الشافعي رضي الله عنه: أحُدُّه وأقبَلُ شهادته. وقال مالك: أحُدُّه ولا أقبل شهادته، فالشافهي ومالِك توافقا في الحدِّ، لأنه قد يحْصل درء الفسدة بالحد وإن لم تكن معصية كما الأمْرُ في الزواجر للصبيان والبهائم. وأمّا عدم قَبول الشهادة عند مالِك، فذلك لأنها فتوى بخلاف النصِّ والقياس الجلي والقواعد، فالنَّصُّ:"ما أسكَر كثيره فقليله حرام"، (٦) والقياسُ الجلي حمْله على الخمر بجامع الإِسكار، والقواعد تقتضي صيانة العقول. والحُكْم الذي يكون على خلاف هذه الأمور ويقضي به القاضي