للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّم لترك الميقات والتلبية أو شيءٍ من واجبات الحج ما عدا الأركان، وكالعمل في التمتُّع والقِران، وجَبْر الدم بصيام بثلاثة أيام في الحج وسبعة فِي غيره، وجزاء الصيد في الحرم بالمثْل أو الطعام أو الصيام، والصيد الملوك بذلك، لحق الله تعالى، وبقيمته لحق المالك الآدمي، وهو مُتْلَفٌ واحدٌ جُبِرَ ببَدَلَيْن، وهو من نَوادِرِ المجبورات.

واعْلَمْ أن الصلاة لا تنجبر إلَّا بعمل بدني، ولا تجبر الأموال إلا بالمال، ويُجْبَرُ الحج والعمرة بالبدني والمالي معاً ومتفرقين، والصوم بالبدني في القضاء، وبالمالَ في الاطعام.

وأمَّا جوابر المال، فالأصلُ أن يُوتَى بعيْن المال مع الامكان، فإن أتَى به كامل الذاتِ والصفات بَرِى مِنْ عهدته، فإن كان ناقصَ الاوصاف جُبر بالقيمة، إلا أن تكون الاوصاف تخلُّ بالقصود من تلك العين خللاً كثيرا، فإنه يضمن الجُملة عندنا، خلافا للشافعي، ولذلك ضَمن اصحابنا المغصوب للغاصب، إذا ذبح الشماة، أو طحن القمح، أو ضرَب الفضة دراهم، أو شقَّ الخشبة ألواحا. وقال الشافعي: بل لهَ أخْذُ عيْن ماله حيث وجده. وعند اصحابنا للغاصب منعُه ممّا وجده من ماله في هذه الصورة. والأوّلُ أنضَرُ وأقْربُ (للقواعد). وأمّا إن جاء بها ناقصة القِيمة في بعض المواطن فإنه لا يضمن، وتُجْبَرُ الأموال المثلية بأمثالِها، لأن المِثل أقرب إلى ردّ العين الذي هو الأصل في القيمة.

وخولفت هذه القاعدة في صوريين: في لبن المُصَرّاة (٥) لأجْل اختلاط


(٥) الشاة المُصَراة (بضم الميم وفتح الصاد المشدَّدة) هي الشاة التي يُتْرك لبنها في الضرع أياما فلا تحلب، فيعظم ضرعها، وتشتد الرغبة فيها لما يظهر عليها من كونها حلوبا، ومثلها البقرة والناقة، وهو تَغْرير من الباخ لمشتريها، وهو حرام، ويعتبر عيبا ترد به الشاة عن بيعها، واصل تحريم هذا البيع والنهى عنه الحديث الصحيح عن أبي هريرة ضى الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من اشترى شاة مصرَّاة فهو بخير النظريْن بعد أن يحلبها، إن شاء أَمسكها، أإن شاء رَدَّها وصاعا من تمر لاسمراء" والسمراء هي الحنطة، ومعنى ذلك أنه إن شاء ردها ورد معها شيئا من غالب قوت بلد البائع بدل اللبن الزائد عن نفقتها إذا كان يعلفها، وهذا هو خيار العيب عند الفقهاء، فليرجع إلى تفاصيل أحكامه في هذه المسألة وغيرها في كتب الفقه والفروع، فإنها استوفت ما يتعلق بهذا الموضوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>