للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الشروط فهى ثلاثة: تقدُّمُ موتِ الموروث على الوارث، واستقرار حَيَاةِ الوارث بعده كالجنين، والعلمُ بالقرب والدرجة التي اجتمعا فيها، احترازا منْ موت رجل من مُضَرٍ أوْ من قريشِ، لا يُعلَم له قريب، فإن ميراثه لبيت المال، معَ أن كل قرشى ابنُ عَمّه، ولا ميراث لبيت المال مع ابن عَمٍّ، لكنه فات شرطهُ الذي هو العلم بدرجته منْه، فما من قُرَشىٍّ إلا ولَعَلَّ غَيْرَه أقربُ منه. (١٧).

فهذه شروط لا يؤثر وجودُها إلا في نهوض الأسباب لترتب مسبَّباتها عليها، فيلزَم من عدمها العدمُ، ولا يَلزَم من وجودها من حيث هو وُجود ولا عدَمٌ، بل الوجود إن وقع فهو لوجود الأسباب لَا لَها، وإن وقع العدَم عند وجودِها فلعدم السبَبِ أو لوجود المانع (١٨).

وأما الموانع فغالب الناس ذكروا أنها ثلائة: الكفر، والقتل، والرِّق.

وزاد بعضهم الشكَّ، احترازا من أهل السفينة أو الرّدْم، واللعانَ، لأنه يمنع من إرث الأب والإِرث منه.

والأسباب كما تقدم ثلاثة: نسبٌ، وولاءٌ، ونكاح.

قلت: ولنذكر هنا مسائل متعلقة بالعتق نختم بها ما تقدم من الكتاب.

المسألة الأولى: قال مالك: إذا أعتق العبد قبل أن يوقع شيئا من الطلاق


= قال ابن الشاط هنا معلقا على هذا الكلام: لا حاجة إلى ذكر مَوْت الموروث وجعله شرطا، وحياة الوارث بعده شرطاً آخر، ولا يصح أن يكون موت الموروث بنفسه قبل موت الوارث شرطا، لامتناع توريث مَن يتعذر العلم فيهما بالتقدم والتأخر، بل الصحيح أن شرط الإرث واحد، وهو العلم أو الحكم بحياة الوارث بعد موت الموروث وبنسبته ورتبته منه.
(١٧) قال ابن الشاط هنا: ما قاله القرافي في ذلك صحيح، غير أنه نقَصَهُ الحكم بالقرب والدرجة إذا لم يكن ذلك معلوما، ولكنه ثبت نسبُه عند الحاكم.
(١٨) زاد القرافي هنا قوله: "فهذه حقيقة الشرط، وجدَتْ في هذه الثلاثة فتكون شروطا".
وقد علق ابن الشاط على ما تضمنته هذه الفقرة كَلها بقوله: قد ثبت أنه شرط واحد، وهو العلم بحياة الوارث بعد موت المورث، وبقرابته، ورُتْبته منه، أو الحكمُ بذلك.
فقد ظهر الفرق بين هذه القواعد الثلاثة: (أسباب التوارث، وشروطه، وموانعه)، وهو المقصود. والله الهادي إلى كل خير وصواب، وإلى نهج صراطه المستقيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>