كمل له، وإذَا أوقع بعضَه وعتق بقى على حِسابِ العبد، والحرية قد وجدت في الجميع، فلمَ كان هذا؟
فالجواب أنه إذا أوقع بعضَه فقد ترتب عليه الحكم بالطلاق الذي هو طلاق عبد، فكان ما بقى على حكم ما تقدم. وليس كذلك إذا لم يوقع شيئا، لأنه لم يترتب عليه حكمٌ من جهة الطلاق، ألَا تَرى أن الحُرَّ إذا طلق زوجته دون الثلاث فتزوجتْ ثمّ عادتْ إليْه، فإنها تعودُ عنده على ما بقي من الطلاق، ولو طلقها ثلاثا لعَادتْ عنده على مِلْكٍ مستأنَف، لزوال حقه في الطلاق الأول.
المسألة الثانية: قال مالك: إذا وُطئتْ المعتقَةُ قبل عِلمٍ بالعتق لم يُسقط ذلك خيارَها، وإذا وُطئتْ وقد عَلِمتْ بالعتق، وجَهِلَتْ أن لها الخيار سقَط خيارُها، فلم كان هذا الفرق؟ .
فالجواب أنها تُعذَرُ بجهلها بالعتق، ولا تُعْذَر بجهلها أن الخيار لها، فإنها لا تقدِرُ أن تحترز من هذا الجهل، وتقْدِرُ أن تحترز من الآخَر بالتعلم.
المسألة الثالثة: إذا عتقت الأمَةُ عَتَقَ ما في بطنِها، وإذا عَتَقَ الحملُ لم تَعتِق الأمَةُ بعتقه، فلم كان هذا الفرق؟
فالجواب أن الحرة لا يَصِح أن تَحمِل بمملوك، فلأجْل ذلك يعتق ما في بطنها بعتقها، والْأمَة يَصِحُّ أن تحمِل بحُرٍّ.
وأيضا فالحمْل كالعضْو من أمّه، فيكون تابعا في الحرّية لأمِّهِ، وليسَتْ الأمُّ بعضاً منه، فلا تكون تابعة في الحرية.
المسألة الرابعة: قال مالك: يجوز إجارة المدَبِّر ولا يجوز إجارة أمّ الوَلَد، والكُلُّ ممنُوعٌ من بيعه، موقوف نفوذُ عتقه على الموت، فلِمَ كان الفرق؟
فالجواب أن عتق أمّ الولد أقوى، والتدبِيرُ أخفَضُ رتبةً منه.
ألَا تَرَى أن البطلان تَوَجَّه إليه دون أمّ الولد، ولأن عتق أمّ الوَلَد يَتَنَجَّز في الحياة، وإنما تبقى له المنفعة فقط، والمدَبِّر إنما يتم عتقه بالموت.