(٨٦) عبارة القرافي: وها هنا قد رتب صاحب الشريعة حكم ارتفاع اليمين على وصف الاستثناء بمشيئة الله تعالى، فيكون الاستثناء بمشيئة الله تعالى هو سبب ارتفاع حكم اليمين، لقوله عليه الصلاة والسلام: عاد كمن لم يحلف، وهذا إشارة إلى ارتفاع حكم اليمين. وقد علق ابن الشاط على ما جاء في هذه المسألة عند القرافي فقال: ما قاله في هذه المسألة، فيه نظر من جهة أن الاستثناء بمشيئة الله تعالى لا تأثير له إلا إن كان مقصودا به رفع اليمين أو حلها، فهو - أعني الاستثناء بمشيئة الله تعالى - دليل على قصد رفع اليمين، وإذا كان الأمر كذلك فما المانع من الاكتفاء بقصد رفع اليمين الذي لفظ الاستثناء بمشيئة الله تعالى دليل عليه، إلا أن يكون في بعض روايات حديث الاستثناء بمشيئة الله تعالى ما يدل على اشتراط اللفظ بذلك دون القصد فقط، ولا أعلم ذلك الآن، فلينظر، فإن المسألة لا ينبني التخفيف فيها إلا على ذلك. وما نظَّر به من أن القصد إلى الصلاة لا ينوب منابها حتى يكون سبب براءة الذمة منها، ومن أن القصد إلى السرقة لا يقوم مقامها فيجب القطع، وكذلك ما عداها من الاعمال، فإن ورد دليل واضح على أن المراد عين استثناء المشيئة لفظا استوى الامر في الاستثناء وسائر الأعمال وإلا فلا. وما حكاه عن اللخمي متجه. ولقائل أن يقول: إذا ثبت اشتراط اللفظ في الاستثناء بمشيئة الله تعالى فلا بد منه وإن انعقدت اليمين على نية القول بذلك، والله أعلم. وهو تعقيب هام ودقيق جدا عند ابن الشاط رحمه الله.