للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجُعِل آخرُ حرف منها كوجودها بجملتها، لأنَّهُ الوجود الممكن في حقها، لأنها مصادِر سَيَّالَةٌ يستحيل وجودُها بجملتها.

وقال غيرُهُ من العلماء رضي الله عنهم: ينبغي أن لا يكون تقدير مسبَّباتِ هذِه الأسباب إلا عَقِيب آخِر حرف وإن عُدمت جملة الصيغة، لأن المُسَبَّبَ إنما تحقق، عادةً، حينئذ، وعلى هذه الطريقة تحقق الفرق بين الأسباب العقلية والأسباب الشرعية.

والأسباب الشرعية أيضا تنقسم إلى ما يوجب مسبَّبها كبعْتُ، والى ما يوجبُه استلزاما كالعتق عن الغير، (١٤) فقيل: يقدَّرُ المِلك قبل النطق بالصيغة بالزمن الفرد، لضرورة ثبوت الولاء له، ولبراءة ذمته من الكفَّارةِ.

وقال بعض الشافعية: يثبت المِلك مع العتق، لأن التقدم (١٥) على خلافِ الأصل.

وقال شهاب الدين: هذا المذهبُ غير متجه، لأن المِلك مضادٌّ للعتق، واجتماعُ الضدين محال.

قلت: وقد تقدم أيضا أن قاعدة التقدير ما تحققتْ له، واستدلاله عليها ضعيف.


(١٤) عبارة القرافي هنا أوسع وأظهر، وهي قوله: "ومن وجه آخر يَحْصُلُ الفرق، لأن هذه الأسباب الشرعية تنقسم إلى ما يوجب مسبَّبه إنشاء، نحو عتْق الإنسان عن نفسه والبيع الناجز، والطلاق الناجز، وإلى ما يوجبه استلزاما كالعتق عن الغير، فإنه يوجب الملك للمعتَق عنه بطريق الالتزام، بأن يقدّر الملك قبل النطق بالصيغة بالزمَن الفرْدِ، لضرورة ثبوت الولاء له، ولبرآة ذمته من الكفارة المعتقِ عنها.
وعقب عليه ابن الشاط بقوله: ما قاله منِ استلزام العتقِ والوطء إمضاء البيع المحصِل للملك، صحيح، وحصول المِلك هنا محقَقٌ لا مقَدَّرٌ.
(١٥) في نسخة: لأن التَّقْدِيمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>