ثم أتى شهاب الدين القرافي بأمثلة من مسائل العبادات التي لا يتعين فيها اتّباع حكم الحاكم، لكونها مختلَفا فيها بين الأئمة، وإنما يتبعُ الخالف في المسألة مذهبَ إمامه فيها، ولا يلزّمه قول ذلك القائل لا في عبادة ولا في سببها ولا شرْطِها ولا مانِعها. ثم قال القرافي بعد ذلك: وبهذا يظهر أن الامام لو قال: لِمَ لا تقيمونَ الجمعة الا بإذْني لم يكن ذلك حكما، وإن كانتْ المسألة مختلفاً فيها، هلْ تفتقر الجمعة إلى إذْنِ السلطان أم لا؟ وللناس أن يقيموها بغير إذن الامام، إلا ان يكون في ذلك صورة المُشَاقَّة، وخرْقُ أبِّهة الولاية، وإظهارُ العِناد والمخالفةِ، فتُمْنعُ إقامتها بغير أمره، لأجل ذلك، لا لأنه موطن خِلاف اتصل به حكم الْحاكم، وقد قاله بعض الفقهاء وليس بصحيح ... اهـ. وعلق عليه ابن الشاط بقوله: قلت: بل هو صحيح كما قال ذلك الفقيه، لأنه حكم حاكم اتصل بأمْر مختلَفٍ فيه، فيتعيَّن الوقوف عند حكمه، والله أعلم اهـ. (١٤) علَّق الفقيه ابن الشاط على هذا بقوله: ليس ما قاله القرافي من أنه إخبار، بصحيح، بل هو تنفيذٌ محْض، وهو الحكم بعينه، إذ لا معنى للحكم إلا التنفيذ ... الخ.