للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال اللخمي: وهو غير صحيح، بل الذي في الصحيح خلاف ذلك، وأن عائشة اختارت الله ورسوله، فَفَعَلَ سائر نسائه مثل ذلك (١٢٨)

ومنها أن هذا هُوَ المفهوم من هذا اللفظ عادة (١٢٩)، والْائمة المحالفون ينازعون في أن العادة ما ذكره الأصحاب.

قال شهاب الدين: والصحيح الذي يظهر لي أن الأئمة غيرَ مالك حملوا اللفظ على مقتضاه اللغوي، مالكٌ على عادة كانت في زمانه في بلده، وبهذا الاعتبار يظهر الفرق بين التخيير والتمليك.

غير أنه يقال: العادة تختلف، فلا ينبغي أن ياسمتمر الحكم ويكون واحدًا مع اختلافها، بل يختلف باختلافها، والله أعلم. انتهى ما علمتُه من القواعد في هذا الباب.

ولنذكر مسائل مشكلة وقعت في هذا الباب أيضًا ونذكر أجوبتها (١٣٠)


(١٢٨) عن عائشة رضي الله عنها قالت: لَمَا نزلت آية التخيير بدأ بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا عائشة، إنى عارضٌ عليك أمرا، فلا تفتاتي فيه بشيء حتى تَعرضيه على أبويك: أبي بكر وأم رومان رضي الله عنهما. فقلت: يا رسول الله، وما هو؟ فقرأ عليها الآية السابقة، فقالت: إني أريد الله ورسوله والدارَ الآخرة، لا أؤامر في ذلك أبوَّى، فضَحِك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم استقرأ الحِجّر (أيْ عرض الأمر على بقية نسائِهِ وأخبرهن بما قالتْ عائشة فقلن: ونحن نقول مثل ما قالت عائشة. رضي الله عنهن جميعا. أنظر الروايات المحتلفة لهذا الحديث في تفسير الحافظ ابن كثير رحمه الله.
(١٢٩) عبارة القرافي أوضحُ، وهي: وثالثها (أي الوجوه) أن المفهوم من هذا اللفظ عادةً إنما هو التخيير في الكون في العصمة أو مفارقِتها، هذا هو السابق للفهم من قول الرجل لزوجته: "خَيَّرتك، والائمة الثلاثة ينازعون في أن هذا هو المفهوم عادة".
(١٣٠) هذه المسائل مع أجوبتها هي من إضافات الشيخ البقوري رحمه الله، ومن زياداته وإفاداته التي أضافها في بعض الموضوعات إلى أصل كتاب الفروق لشيخه شهاب الدين القرافي رحمه الله، وهي تدل على سَعة اطِّلاعه وعمق تمكنه فيما يتَّصل بالقواعد الفقهية، وما يتفرع عنها من نظائرَ مماثلة، ومسائلَ مشابهة وفروع وجزئيات، وغير ذلك مما يتصل بعلوم الشريعة عامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>