وقد علق ابن الشاط على ما جاء عند القرافي في هذه المسألة مما ذكره البقورى، فقال: ما قاله القرافي في ذلك غيرُ مسَلم ولا صحيح، بل الإنظار أعظم أجرا من جهة أنه واجبٌ، والقاعدة أن الواجب أعظم اجرا من المندوب، بدليل الحديث المتقدم (وهو الحديث القدسى السابق المتضمنُ لِأفضلية التقرب إلى الله بأداء الفرائض أولا، ثم بأداء ما تيسر وأمكن من النوافل ثانيا، ولا معارض له. وما استدل به من قوله تعالى: "وأن تصدقوا خير لكم" نقول بموجبه، ولا يلزم منه مقصوده. وما قاله من أن مصلحة الْإبراء أعظم، لاشتماله على الواجب الذي هو الانظار، ليس بصحيح، لأن الإنظار تأخير الطلب بالدين، وهو مستلزم لطلب الدين بعد، والإبراء إسقاط بالكلية، وهو مستلزم لعدم طلبه بعد، فكيف يصح يكون ما يستلزم عدم الطلب متضمنا لِمَا يستلزم الطلب. اهـ. قلت: ويظهر أن ما قاله ابن الشاط سليم، لأنه المستفاد من الآية الكريمة "وإن كان ذو عُسْرةٍ فَنَظِرةْ إلى ميسُرَةٍ، وأن تصدقوا غير لكم إن كنتم تعلمون"، ويقول البيت - صلى الله عليه وسلم -: من أنظر معسرا ووضع له أظله الله يوم القيامة تحت عرشه حيث لا ظل إلا ظله، روَاهُ الامام الترمذى، وصححه رحمه الله عن أو هريرة رضى الله عنه، فإنْظار الدين مطلوب، وإبراؤه واعفاؤه من الدين مرغوب ومندوب، وهو خير ثوابا وأعظم أجرا، واللهُ أعلم.