غيات السلوي علم الطب، وكان مجيداً فيه، وبفاس عن الشيخ المتفنن الفقيه العالم المحقق أبي القاسم التارغدري، والشيخ الفقيه المحدث الحافظ أبي محمد العبدوسي، باحثه كثيراً واستفاد منه مشافهة ومكاتبة، وهو الذي ولاَّه التدريس بفاس، وولي الله الشيخ الصالح الفقيه الزاهد عبد الله بن حمد وغيرهم.
وإفاداته وإنشاءاته لا ساحل لها، كان لا يتنفس إلا بالفوائد، وكنت بمكناسة لمّا ارتحلت إليه أكاتبه بكل ما يعرض لي فيجيبني بما أحب، وكان لسانه رطباً بلا إلاه إلا الله تسمعها جارية على لسانه في أثناء حديثه، رحمه الله، ولد بمكناسة أول القرن، وتوفى عام اثنين وسبعين وثمانمائة بفاس، ودفن بباب الحمراء - اهـ.
ثم ذكر ابن غازي اتصال سنده في الفقه لسحنون. وقال السخاوي في الضوء اللامع: كان متقدماً في حفظ المتون وفقيهاً، علق شيئاً على المختصر، ولم ينشر، وانتفع به الطلبة، أخذ عنه الفاضل أحمد زروق وقال: إنه مات آخر ذي القعدة عام اثنين وسبعين، أنه سئل عن ابن عربي فقال: اختلف الناس ما بين مكفر ومقطب، والأولى الوقوف اهـ.
قلت: أخذ عنه جماعة من أهل فاس وغيرهم كالشيخ إبراهيم بن هلال، والشيخ عبد الله الرموري شارح الشفا، وأبي الحسن الزقاق القاضي المكناسي، والمفتي أبي مهدي الأواسي، وابن غازي وغيرهم، وأما شرحه على المختصر فذكر أبو الحسن المنوفي شارح الرسالة في شرح خطبة المختصر أن القوري شرحه في ثمان مجلدات - اهـ.
ولم أره لغيره، ولا ذكر له البتة عند أهل فاس، والله أعلم.
فائدة:
قال الشيخ ابن غازي: حدثني صاحب الترجمة عن شيخه أبي عبد الله ابن عبد العزيز إنّه قال: ست العالم المحدث الحافظ الرباني البلالي بمصر يقول: حديث "الباذنجان لما أكل له" امثل إسناداً من حديث "ماء زمزم لما شرب له"، قال شيخنا القوري: وهذا عكس المعروف - اهـ.
قلت: ولعل النقل انقلب على ناقله سهواً، وإلا فالذي نقل البلالي المذكور في مختصر الإحياء خلافه، بل صرح بأن حديث الباذنجان موضوع وضعته الزنادقة، وأن حديث ماء زمزم صحيح، وقد استوفيت كلامه وكلام غيره في تقييدي على المختصر في كتاب الحج والله أعلم.