للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الأولى: العبد لا يؤم في الجمعة، لأن المذهب أن المفترِض لا يأتَمُّ بالمتَنَفِّل، وقيل: يَؤُمُّ، لأنه إذا حضرَهَا صار من أهْلِها وَوَجَبَتْ بالشروع عليه فصار مفترِضا، فما ائَتَمّ المفترض إلا بمفترض فقيل: إن تكبيرة الإحرام للجمعة لا تجب عليه فقد وقع ائتمام المفترِض بالمتنفِّل، فأجابوا عن هذا بأن تكبيرة الإحرام، لها عمومٌ وخصوص. فمِن حيث عمومها هى واجبة على العبد، ومن حيث إنها للجمعة لا تجب، وباعتبار العموم ائَتَمَّ المفترض بالمفترِض.

وقال شهاب الدين رحمه الله:

هذا الذي قالوه، من أن العبدَ عليه تكبيرة الإحرام، وهي أعمُّ من أن تكون بِظُهْرٍ وبجمعةٍ، فإذا صلَّى الجمعة فقد خصصها، وذلك الخصوصُ غيرُ واجب عليه، والعموم هُو واجب عليه، ومن تلك الجهة صحَّ الائتمام، يلزمهم في جميع أركان الصلاة من ركوع أو سجودٍ أن يُعتبَر فيها هذا المعنى، فيكون العبْدُ قد أتَى بخصوص، وذلك غير واجِب عليه ومن حيث إن السجودَ سجود أتَى بما يجب عليه والجزء الخُصُوص، والعمومُ واجب عليه، فقد ائتم المفترِض بالمتنفِل.

قلت: لا يلزم الفقهاء هذا، فإنهم قالوا: بالشروع وجبت، فقد انتقَل للجُمعة وصار مساويًا فيها للحر، من حيث الخصوصُ والعموم.

نعم، إنه يقال: لم يكن في تكبيرة الإحرام مساويا للعُموم فيقال: جاز ذلك، بناءً على أن الواجب في النية أن ينويَ الفريضهّ المطلَقة أو ينوى الفَريضَة المعَيَّنة بالركعات، وفي المذهب خلاف، وهذا جاء على الفريضة المطْلقة، والصلاة واحدةٌ في نفسها، أعْنى الظهر، والجمةُ ليست كالظهر والعصر، والله أعلم. (٤٨)


(٤٨) علق ابن الشاط على ما جاء عند القرافي في هذه المسألة بما يزيدها وضوحا وتحقيقا فقال:
ما قاله القرافي فيها غير صحيح، فإنه جعلها من الواجب المخيّر، ومُوقِع نوعيْ الواجب المخيّر أو أنواعه لا يُوقِع إلا واجبا، فالعبد إذا اختار إيقاع الجمعة لا تقع الا واجبة، فالحرُّ إذا اقتدى به لم يكن مفترضا إئتم بمتنفل، فينبغي أن يصح اقتداؤه به.

<<  <  ج: ص:  >  >>