للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيها: طلب إبراهيم واسماعيل - عليهما السلام - ذلك عند العمل، حيث قالا: "ربنا تقبل منا" (٦٣).

وثالثها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم تقبل من محمد وآل محمد، وذلك عند ذبْحه الأضحية.

ومن الدليل على هذا كثرة، ويظهر من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة في مسجدى هذا خَيْرٌ من الف صلاة في غيره" (٦٤) التفضيل لا بإطلاق، ولكن بشرط التقوى، ومن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة الجماعة تفْضُلُ صلاة الفذ بكذا (٦٥) أنه بإطلاق.

قلت: ادّعاء التقييد في الحديث الأول، وأنه الظاهر، غيرُ ظاهر. نعَمْ الاطلاق في الثاني هو الظاهر، والله أعلمُ.

قلت: إن صحت هذه القاعدة أبطلت (٦٦) الحدود المذكورة للأصوليين في انواجب، فهم يميزونه بالثواب والعقاب (٦٧). وهذه القاعدة - إن صَحَّتْ - ترُد ذلك من حيث إنه يخرج عن الحد ما هو منه، وهو فساد في الحدودِ، والله أعلم.


(٦٣) سورة البقرة: الآية ١٢٧: "ربنا تقبل منا إنك أنت السميع الحليم".
(٦٤) اخرجه الامام احمد رحمه الله بلفظ أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: صلاة في مسجدى هذا أفضل من الف صلاة فيما سواه من المساجد، إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام افضل من صلاة في مسجدى هذا بمائة صلاة". اهـ.
(٦٥) اخرجه الشيخان: البخاري ومسلم رحمهما الله بلفظ: صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة" متفق عليه، عن ابن عمر رضى الله عنهما.
(٦٦) في نسخة ح: بطلت (بالفعل الثلاثي والمعنَى على كليهما صحيح وسليم.
(٦٧) حيث يقال في حد الواجب وتعريفه عند علماء الأصول وغيرهم:
الواجب هو ما يثاب على فعله ويعاقَبُ على تركه، ذلك أن الامر به من الشارع أمرٌ حتم ولازم. والمراد بالقاعدة المشار إليها هى القاعدة السابعة من القواعد الاصولية عند البقورى، وهى الفرق الخامس والستون من الفروق عند القرافي، والتي موضوعها - كما سبق بيانه في اولها - التمييز والفرق بين ما يثاب عليه من الواجبات وبين مالا يثاب عليه وان وقع واجبا. وهذه القاعدة الاصولية صحيحة، ويظهر انها لا تخرج الحدود والتعاريف المذكورة للواجب، ولا تتنافى معها عند النظر والتأمل، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>