للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها (٨٢). فالتخيير متعَلَّقُهُ الخصوصات، والوجوبُ متعلقه القدْرُ المشترك، فهذا أحَدُ ما يتعلقُ بهذا القدرِ المشتَرَك.

ثمَّ ان فَعَلَ، عَلى ماذا يثاب (٨٣)؟ ، إن لم يكن فيها ترجيح فثوابُهُ على الواجب، وهو القدرُ المشترَك، وإن كان فيه أجحُ، فإن فعَل الأدنى فثوابه على الواجب أيضا، وإن فعَل الأفضلَ أثِيَب ثواب الندب وثواب الوجوب. ثم إن لم يفعل عوقِبَ على ترْك الواجب، ولكنه لا يتصور هنا ترك الواجب إلا بترك الجميع، ليس الامرُ كالْفعل، فإنه ياتي بالواجب بواحدٍ منها.

ثم ان بَرآة الذمة من ذلك أيضا بالقدر المشترك الذي به تعلَّق الوجوبُ لا بخصوصية من تلك الخصوصيات، فإن الذمة لم تكن عامرة بشيء من ذلك. ثم نيتهُ أيضا كذلك لا تَقع متعلقةً إلا بالقدر المشترَكِ، ولا تتعلق بخصوصية من الخصوصيات، وبه تندفع الشكوك عن هذه المسألة.


(٨٢) هي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، او تحرير رقبة، أو صيام ثلاثة أيام لمن لم يجد القدرة على احدى تلك الخصال الأولى، وهي المشار اليها يقول الله تعالى في الآية التاسعة والثمانين من سورة. المائدة في كفارة اليمين: "فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام، ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم، واحفظوا أيمانكم، كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون".
(٨٣) على ماذا يثاب، جملة فعلية طلبية، مُصَدرة باسم الاستفهام المجرور بحرفِ الجر، ومقتضى القاعدة النحوية أن تكون هذه الجملة الفعلية المصدرة بالاستفهام مقرونة بالفاء الرابطة بين الشرط والجواب كبقية المواضع الأخرى التى يكون جواب الشرط مقرونا فيها بالفاء، أو بإذا الفجائية، إذا كان الجواب جملة اسمية بالخصوص، وفي ذلك يقول ابن مالك في ألفيته النحوية رحمه الله.
واقرن بفا حتما جوابا لو جعل ... شرطا لإن أو غيرهما لم ينجعل
وتخلف الفاء إذا المفاجأة ... كإن تجد إذا لنا مكافأة
ولعل المؤلف لم يقرن الجواب بالفاء، اعتبارا ورعيا لتقديره بها في الذهن، فكأنها مذكورة في النطق والتعبير، أو يكون التقدير: ثم على ماذا يثاب إن فعل.
وقد جمع بعضهم المواضع السبعة التى يقترن فيا جواب الشرط بالفاء، وذلك في بيت واحد حيث قال:
إسْمية، طلبية وبجامِدٍ ... وبِما ولن وقدَ، وبالتنفيس

<<  <  ج: ص:  >  >>