للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما تعلق حينئذ بأمر خارج عنها, ومتى انحزم واحدٌ منها فقد انعدَمت الماهية، لأن الماهية المركبة تعدم (٩٨) لعدم جزء منها، كما تُعْدَم لجميع أجزائها.

ومثال الماهية المعدومة كأن يبيعٍ سفيهٌ من سفيهٍ خمراً بخنزير، فالأجزاء كلها فاسدة، واذا باع رشيدٌ من رشيد ثوْباً بخنزير، فالماهية - ايضا - معدومة لعدم كن واحد منها، ولاخفاء بمثال الاثنين الباقيين (٩٩)

وأما ما كان سالم اليمن، فكأنْ يبيعَ رشيد من رشيد فضة بفضة، فإذا كانت إحدى الفضتين أكثر - فالكثرةُ وصف حصل لأحد العوَضيْن، والوصفُ متعلَّق النهي دون المَاهيةِ، فهذا هو معنى كون النهي في الماهيةِ أو في الخارج.

فأبو حنيفة فرق، ووَجْهُ تفريقه أنه يقول:

لو قلنا بالفساد مطلقا لسوَّيْنَا بين الماهية المتضمنة للفساد وبين السالمة عن الفساد، ولو قلنا بالصحة مطلقا لسَوَّيْنا بين الماهية السالمة في ذاتها وصفاتها وبين المتضمنة للفساد في صفاتِها، وذلك غير جائز، فإن التسوية بيْن مَواطِن الفساد وبَيْنَ السالم عن الفساد خلاف القواعد، فتعين - حينئذ - أن يقَابَلَ الأصل بالاصل، والوصف بالوصف، فنقول:

أصل الماهية سالِم عن النهي، والأصل في تصرفات المسلمين وعقودهم الصِّحةُ حتى يرِدَ نهْى، فيثبت لأصل الماهية الأصلُ الذى هو الصحّة، ويثبتَ


(٩٨) تُعدَم، هكذا في النسختين ع، ح، وكذا في كتاب الفروق، وكان مقتضى الجملة قبله وسياقها أن يقال: تنعدم، وكلنا هما صحيحة وسليمة المعبارة والمعنى.
(٩٩) كأن يبيع رشيد من سفيه، ثولا بنقد، أو يبيع رشيد من سفيه خمرا بعرض ونحوه. فليتامل.

<<  <  ج: ص:  >  >>