للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت الأفراد ترصح إلى "أجناس متباينة، كالعتق والإطعام والكسوة، وهذه قاعدة أدرجْتها في التي قبلها، لا كما فعل شهاب الدين رحمه الله.

ثم لِتعلَم أن ما وقع في قول الفقهاء من قولهم: الإمام مخيَّر في الأسارى، وكذلك في التعزير، وكذلك في حق المحارب، وكذلك تفرقة الأموال راجعة إلى خِيَرَتِه قَوْلٌ مَجَازي، لا خِيرة (١٤٠) في شئ من هذا، كما الامر في خصال الكفارة من حيث التخيير، بل يجب عليه بذل جَهده في فعل الأرجح من ذلك، ولا يصح له أن يفعَل بهواه ما شاء من ذلك، كما يصح للمكفر أن يُعَيِّنَ من الخصال ما شاء بِهوَاه.

ولكنه قيل له: مخيَّرٌ، من حيث إن النظر رجع اليه في الترجيح، ولم يعَيَّن له في ذلك شئ، بل فُوِّضَ التعيين اليه بعد اجتهاده، وتنفيذ الأصْلح للمسلمين، فذاك الذى يصح له ويحل" وهذه قاعدة اخرى أيضا أدرجتها هنا. (١٤١)


(١٤٠) في نسخة ح: "بل لا خيَرَةَ" بزيادة بل للاضراب عما قبلها، ولكن المعنى واحد في نفي الإختيار في هذه السائلِ والامثلة.
(١٤١) هي موضوع الفرق التاسع والاربعين بين قاعدة التخيير بين الأجناس المتباينة وبين قاعدة التخيير بين أفراد الجنس الواحد" جـ ٢. ص ١١.
قال القرافي رحمه الله في أوله: وتحرير الفرق بين هاتين القاعدتين يرجع إلى تحرر اصطلاح العلماء لا لمعنى يترتب عليه، وذلك أنهم يسمون خصال الكفارة واجباً مخيرا، ولا يسُّمون تخيير المكلف بين رقاب الدنيا في إعتاق الرقبة في كفارة الظهار وغيرها واجبا مخيرا، وكذلك التخيير بين شِياه الدنيا في إخراج شاة من أربعين شاة، ودينار من اربعين دينارا، لا يسمون ذلك واجبا مخيرا، بل يقصرون ذلك على خصال الكفارة ونحوها.
وضابط الفرق بين القاعدتين أن التخيير متى وقع بين الأجناس المختلفة فهو الذي اصطلحوا على أنة واجب خير، ومتى وقع بين أفراد جنس واحد لايكون هو المسمى بالواجب الخير، فالعتق والإطعام والكسوة أجناس مختلفة، والغنَم كلها جنس واحد، وكذلك الدنانير، وغيرها من النظائر، فهذا هو ضابط الفرق بين هاتين القاعدتين

<<  <  ج: ص:  >  >>