للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالثلاثِ إذا تزوجت غيرَه حَلَّت له، وهذا مردود بالإِجماع، فَيَجِبُ أن يقال: إن حتى خرجَتْ في هذه الآية عن مقتضاها الْغائِي، وأنها لَا تَدُل عليه، وهذا - ايضا صعْبٌ، فهذه القاعدة تزيل الأشكال، فيقال: بَتَزَوُّج غيرهِ لَها (١٤٨) زالَ مانعٌ واحد كان يمنع منٍ تزوجها، فأبيحَتْ من حيث ارتفاع هذا المانع، وبقي موانعُ أخرى، فكَونُها باقية في مِلك هذا الثاني مانع، حتى إذا طلَّقها زالَ ذلك، وبقيت العِدَّة هي مانع آخر، هكذا قال شهاب الدين رحمه الله.

وكذلك تصَوُّرُ اجتماع أسباب على سبب واحد، مثل القتلِ يجب بترك الصلاة، والزنا عن إحصان، والارتدادِ، وقتلِ النفس التي حرّم الله إلا بالحق (١٤٩)، فهذا قد أبيح دمه بكل واحد من هذه الأسباب. فإذا عَفَا الاولياء ذهبت الاباحة الناشئة عن القتل، وبقىَ القتل لأسباب أخرَ.

قال -رحمه الله-: وكما ظهر لك اجتماع أسباب التحريم في المسألة المتقدمة، فاعلم أن المحرَّم بسبب واحد ليس كالمحرّم بأسباب، بل يتضاعف الإثم بتضاعفِ الأسباب، فالزنَى محرَّم، وبالبِنْتِ أشَدُّ، (١٥٠) وبها في الصوم ومع الإحرام أشد، وفي الكعبة أشدُّ، وكذا الواجبُ الواحد يتصور أن يكون لهُ سببٌ واحدٌ في الوجوب، ويُتَصوَّرُ أن يكون له اسبابٌ.


(١٤٩) عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ "لا يَحِل دم امرئ مسْلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه، المفارق للجماعة. اخرجه الشيخان: البخارى ومسلم رحمهما الله.
(١٥٠) قال بعضهم في هذا المعنى:
وتعظمُ الطاعة والمعصية ... بالشخص والمكان والوقتية

<<  <  ج: ص:  >  >>