والذي انتهى اليه الإمام القرافي وقاله في هذا الشأن هو قوله: والذي يتجه أن يقال ولا يقع فيه خلاف، أنه يحصل لهم بركة القرآن لا ثوابها، كما تحصل لهم بركة الرجل الصالح يدفن عندهم أو يدفنون عنده. فإن البركة لا تتوقف على الامر (اى الامر بحصول العمل الذي تنتج عنه) ثم زاد قائلا: وهذه المسألة وإن كانت مختلفا فيها، فينبغى للانسان أن لا يهملهما، فلعل الحق هو الوصول إلى الموتى، (أي وصول ثواب قرآة القرآن اليهم)، فإن هذه الامور مغيبة عنا، وليس الخلاف في حكم شرعي، إنما هو في أمر واقع، هل هو كذلك أم لا، كذلك التهليل الذى عادة الناس يعملونه اليوم ينبغى أن يعمل، ويعتمد في ذلك على فضل الله تعالى وما ييسره، ويلتمس فضل الله بكل سبب ممكن، ومن الله الجود والاحسان، هذا هو اللائق بالعبد. وهذا التوجه والاقتناع به في هذه المسألة عند القرافي هو الذي سار عليه تلميذه الشيخ البقورى، ويظهر ترجيحه له من خلال كلامه حيث قال: "بل الظاهر ما قاله احمد بن حنبل" (اى في انتفاع الميت بقراءة القرآن وثوابه من الحي مثلما ينتفع بالدعا والصدقة). والملاحظ في هذا الموضوع أن العلامة المحقق قاسم ابن الشاط رحمه الله لم يعلق عليه بشئ من تحليقه وتحقيقه المعتاد في أغلبية الفروق. ولعل سكوته عنه يفهم منه التوقف في الامر، وصواب وصحة كلام القرافي في هذا الفرق، والله أعلم.