للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشترك يثبتُ بفرد من الأفراد الداخلة تحت ذلك المشترك، وقلنا ايضا: النهي كالنفي، فنفْيُ المصنوع من ماء العنب مع وجود الخمر المصنوع من التمر لا يحقق الانتهاء، كما أن رفع الإنسان دون الحمار لا يتحقق معه رفع الحيوان، وإنما يتحقق رفع العام برفع كل فرد من الأفراد الذي تحته، كذلك إنما يتحقق الانتهاء برفع جميع الأفراد، وهذا بَيِّنٌ لا خفاء به، ثم قال:

"تنبيه جليل":

اعْلَمْ أن نفي المشترك، والنهيَ عنه إنما يعُمُّ إذا كان مدلولا عليه بالمطابَقَة، أما إذا كان مدلولا عليه بطريق الالتزام فلا يلزم، فالمدلول عليه بالمطابقة، كقولك: نهيتك عن مطلق الخمر، والمدلول عليه التزاما كأن يقول: ألزمتك النهي، فهذا النهي حاصل في منهي لم يعينه، فلو عَيَّنه بعد هذا كان ذلك التعيين تفسيرًا، وفي قوله: نهيتك عن الخمر، لو أبقى بعد ذلك خمرًا مخصوصا لكان مخصصا لذلك العام، قظهر أن المدلول بالمطابقة هو الذي يعم، والآخَرُ لا يَعُمُّ.

قال (اي القرافي رحمه الله) -: تظهر فائدة هذا الفرق في مسألتين فقهيتين:

الواحدة إذا حلف بالطلاق وحنث، وله زوجات، فإن الطلاق يعمهن إذا لم تكن له نية, لأنه ليس البعض أولى من البعض، وإلَّا يلزمْ الترجيح من غير مرجِّح (٢٠٣)، فلو قصد بذلك اللفظ بعضهن دون بعض لم يحصل (٢٠٤) الطلاق إلا على المقصودة وحدها. وهذا, لأن القول بتطليق الكل ما كان من حيث عموم النهي؛ لأن النهي ما كان عامًا؛ لأنه لم يدل بالمطابقة على الزوجات، وإنما دل على


(٢٠٣) التقدير: وإلا يعمهن الطلاق يلزَم الترجيح دون مرجح، فحذِف فعل الشرط لكونه مفهومًا ومدلولا عليه بالعبارة السابقة في الكلام، وهي قوله: "فإن الطلاق يعمهن".
وحذف فعل الشرط أو جوابه جائز إذا دل عليه ما قبله من الكلام وأُمنَ اللبس، لقول ابن مالك في الفيته:
والشرط يغنى عن جَواب قد عُلم ... والعكسُ قد يأتي إن المعْنَى فُهِمَ. اهـ
(٢٠٤) في نسخة: لم يقع، وهي بمعنى لَم يحْصُلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>