للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا واحدة, لأنه استثنى جملة المنطوق به وهو المعطوف. غير أن الأصحاب جوزوه، وما علمت فيه خلافًا، ويعللونه بأن الثلاث لها عبارتان: أنت طالق ثلاثًا، وأنت طالق واحدة وواحدة وواحدة، فكما يصح من الجارة الواحدةِ يصح من الأخرى.

قال شهاب الدين - رحمه الله:

ويلزم على سياق هذا التعليل - إذا قال: لِلَّه علي درهم ودرهم ودرهم إلا درهمًا - لا يلزمه إلا درهمان, لأن الدراهم والدنانير لا تتعيَّن وإن عُيِّنت.

وأما الاستثناء من الذوات فكأنْ يقول مررت بالقوم إلا زيدا. وأما الاستثناء من الصفات فيتصور بوجوه مختلفة:

أحدها أن يستثني جملة الصفة، كقولك: أنتِ طالقٌ واحدةً إلا واحدة.

الثاني أن يستثني بعض الصفة كقوله تعالى: {أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى} (٤٨).

الثالث أن يستثنى بعض متعلقها كقول الشاعر: قاتل ابن البتول إلَّا عليّا، فإن المراد أنَّ فاطمة رضي الله عنها بَتلتْ نفسها عن الأزواج إلا من علي فقط.

وذكر شهاب الدين -رحمه الله- هنا مسألة فقهية، هي:

إذا قال: أَنْتَ طالق واحدةً إلا واحدةً، معناه طلقة واحدة، فهنا مصدر موصوف، فإن قَصد رفْع الصفة دون الموصوفِ، فقد رفع بعض ما نطَق به. فيلْزَمُهُ طلقتَان, لأنه رفع بعض ما نطق به. ومَعَنا قاعدة عقلية، وهي: أن كل ضِدين لا ثالث لهما، إذا رفع أحدهما تَعَيَّنَ ثبوتُ الآخَر، فهو لمَّا رفع الواحدة


(٤٨) سورة الصَّافات: الآية ٥٧، ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>