للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها أن قول القائل: هذا الجبل ذهب، محال وكذب، والمحال يجوز أن يلزمه المحال، فيكون المحال في النتيجة إنما نشأ من هذا المحال، فنحن نلتزم أنه ذهب على هذا التقدير المحال ولا محذور، وإنما المحذور أن يكون ذهبا في نفس الأمر.

الثاني: أنا لا نسلم صحة المقدمات، لأن قولنا: إنه ذهب، محال، والقول بأنه جسم، صِدْقٌ، والله الموفق للصواب (٨٧).


(٨٧) عقب ابن الشاط على ما جاء عند القرافي في هاتين المسألتين: السابعة والثامنة، بأن أجوبته صحيحة.
قلت: وهذه المسائل كما سبق التنبيه إليه هي مسائل عقلية تعتمد اصطلاحات وكلمات منطقية، وهي مسائل تستهدف أولا وقبل كل شيء وعلى ما يظهر، استعمال العقل وشحذ الذهن، وتقوية الفكر والْمَلَكَةَ للمناقشات العقلية المنطقية، والمناظرات الجدلية التي تقع أحيانًا بين العلماء وبعضهم، بالإضافة إلى ما يحتاج إليه الإنسان من هذه القواعد والقضايا المنطقية في مسائل فقهية وأحكام شرعية، فهي ليست من ترف العلم كما قد يظن وَيبدُو لأول وهْلةٍ، أو من باب استخدام الألفاظ والعقليات لمجرد أنها كذلك، ولكنْ لها أهداف شريفة ومقاصد نبيلة، وهي في نفس الوقت تدُلُّ على تمكن علمائنا رحمهم الله من مختلف العلوم النقلية والعقلية، ومدى رجاحة عقولهم وسعة أفقهم لإدراك هذه المسائل وفهمها والاستنباط منها واستخدامها عند الحاجة العلمية لها.
فرحمهم الله رضي عنهم أجمعين، ونفعنا بعلمهم آمين، وجعل صِلةَ الخلف الصالح من العلماء بالسلف الصالح من العلماء موصولة ومستمرة إلى يوم الجزاء والدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>