للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَلَبُهُ" (٢٣) اختلف العلماء، هل تصرفه بالإِمامة او بالفتوى، فإن كان بالإِمامة فلا يكون حينئذٍ إلا بعْدَ إذن الامام، وإلى هذا ذهب مالك، وخالَفَ ما نَظَرَ اليه في الإِحياء من حيث اعتباره الغالبَ، وحمَلَهُ على ترك الغالب هنا أن الغنيمة أصْلُها أن تكون للغانِمين، فإخراجُ السَّلَب خلاف الاصل. وأيضا فذلك ربّما أفسدَ الاخلاص. (٢٤)، إلى مفاسدَ أخَرَ في ذلك، واللهُ أعلم.

قلت: وأيضا فهو فعلُ أبي بكر وعمر ضى الله عنهما، وهما أعلمُ الناس بهذا الباب، فتَحقق ما قاله مالك رضي الله عنه.

قلت: وذكر شهاب الدين رحمه الله في كتابه فَرْقا، وهو السادسَ عشر والمائة بين السّلَب يستحقه القاتلُ وبيْنَ الإِقطاعات وغَيْرها مِما للإِمام أن ينتزعها مِمَّن هي بيده فقال: كان ذلك في السَّلَب، لأنَّهُ حين صدَرَ السبَبُ الذي هو القتل فقد استحق مِلْكَ السَّلب فلا يصحُّ نَزْعُهُ من يده، والاقطاعات إنما وضعَها الإِمام بيد من رأى المصلحة تحصل منه في الستقبل فأعانه على ذلك بوضعها في يده لا ليملكها ملكا حقيقيا، فكان له أن بيدّلَها له، أيّ وقت شاءَ، وليس في الفرق شيء زائدٌ على هذا إلا مُكَرَّراً، وهو ما ذكر في هذه القاعدة. (٢٥)


(٢٣) سَلَبُ القتيل بفتح السين واللام ما يكون معه من ثياب وسلاح ومتاع وغيرها، وفي رواية اخرى: من قتل قتيلا له عليه بينة فله سَلَبُهُ، وهو فقرة من حديث طويل اخرجه الشيخان وبعض أصحاب السنن عن ابي قتادة رضي الله عنه. والحديث في معرض الجهاد في سبيل الله لإِعلاء كلمة الله، والدفاع عن حَوزة الاسلام والمسلمين.
(٢٤) عبارة القرافي هنا وهو يتحدث عن الامور التي اعتمدها الامام مالك في مخالفة أصله الذي اعتمده في الإِحياء، والذي يقول فيه: إن غَالِبَ تصرفه - صلى الله عليه وسلم - بالفتوى: "ومنها ان ذلك ربما أفسد الاخلاص عند المجاهدين يقاتِلون لهذا السَّلب دون نصْر كلمة الاسلام، والجهادُ في سبيل الله إنما يكون لذلك من أجل نصْرة الدين وأمة الايمان وملة الاسلام.
(٢٥) هذا الفرق السادس عشر والمائة مذكور في الجزء الثالث، ص ٧. وقد توسَّعَ فيه القرافي رحمه الله. ومسألة إقطاع بعض الاراضي العامة لبعض الناس وتخصيصهم بها بهدف حرثها وزرعها واستصلاحها، وكذا مبحثها، تَكلم عنه العلماء كثيرا في كتب الاحكام السلطانية وفي المؤلفات الفقهية، فليرجع اليها هناك من اراد التوسع في معرفة هذا المصطلح ومدلوله الشرعي الفقهي.

<<  <  ج: ص:  >  >>