وترتيب التكليف عليه جزْما لا محيد عنه، كالزوال ورؤية الهلال، فإنه لابد أن يكون في الوجود ويترتب عليه وجودُ التكليف قطعا، فهذا يجب الفحص عنه، كان شرطا أو سبباً، اذ لو أهْمِلَ لوَقع التكليف، والمكلَّف غافل، فَيَعْصي بترك الواجب بسبب إهْمَالِهِ إذا علِمَ أنه لابد أن يكون منه هلال رمضان وأوقات الصلوات وما أشبه ذلك، وأمَّا ما لا يتعيَّن وقُوعُه من الأسباب والشروط فلا يجبُ الفحصُ عنْهُ لعدم تعيُّنِهِ، فيمكن أن يقالَ: الأصْلُ فيه عَدَمُ طريانِه لأجْلِ عدم التعيين، وقد يكون ذلك حجة للمكلف عند الله تعالى. ومنْ ذلك إذا كان فقيراً، ولَهُ أقَاربُ أغْنياءُ، وهو في وقت يجوز أن يموت أحدهم فيرثه فينتقل المال إليه، فتجبُ الركاة عليه بإغفال ذلك وترْك السؤال عنه. (٢١)
قلت: ولنذكر مسائل تليق بهذا الباب:
المسألة الأولى: قال مالك رحمه الله: لا يتنفل واحدٌ مضطجعا، ويتنفّلُ قاعداً.
- فالجواب أن الجلوس أحد أركان الصلاة حال الاختيار، فجاز التنفل به، وليس كذلك الاضطجاع، لأنه ليس بركن في الصلاة حال القدرة.
قلت: ويمكن أن يقال: ذلك رخصة، ولم ترِد في الاضطجاع، فَتُقْصَرُ على حسَبِ ما وردت.
المسألة الثانية: قال ابن القاسم: يُحْكى الأذان في النافلة دون الفريضة، وكِلاهما صلاة، فالجواب أن النافلة أخفض رتبةَ من الفريضة، فجاز فيها ما لمْ يَجُزْ في الفريضة.
قلت: وهذا الفرق يقضي بأن الشروع لا يصير غير الواجب واجبا، وإن صيّره فتبْقى رتبتُهُ دون الواجب الاصلي.
(٢١) تمام هذا الكلام عند القرافي رحمه الله هو كالتالي: "فيجب عليه الزكاة بإغفال ذلك، وترْك السؤال عنه إذا كانوا في بلاد بعيدة عنه يؤدي إذا ترك اخراج الزكاة مع وجوبها عليه، ولو فحَصَ لحاز المال ووجبت عليه الزكاة، ومع ذلك لا يجب عليه الفحص في هذه الصورة لعدم تعين هذا، فقد يقع وقد لا يقع ... اهـ.