للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك. فإذا لم يكن استعمالهم لبعض الأسماء كثيرا بقي الحال فيها على حكم اللغة، فيكون لفظها صالحا للقديم والحادث (٦٣).

المسألة الثانية، قال صاحب الخصال الأندلسي: يجوز الحلف بقولك: باسم الله لأفعلن، وتجِب بذلك الكفارة عند الحنث.

قال شهاب الدين: وهذه المسألة فيها غور، بسبب أن الاسم هاهنا، إن أريد به المسمى استقام الحكم، وإن لم يُرَدْ به المسمى فقد حكى ابن السيد البطليوسي أن العلماء اختلفوا في لفظ الإسم، هل هو موضوع للقدر المشترك بين الأسماء فمسماه لفظ، أو وضع في اللغة للقدر المشترك بين المسميات فلا يتناول إلا مسمى؟ قال: وهذا هو تحقيق خلاف العلماء في أن الاسم هو المسمى أم لا؟ وأن الخلاف إنما هو في لفظ الاسم الذي هو ألف، سين، ميم، وأما لفظ نار وذهب فلا يصح أن يقول عاقل: إن لفظ نار هو عين النار حتى يحترق فم من ينطق بهذا اللفظ.

وإذا فرعنا على هذا وقلنا: الاسم موضوع للقدر المشترك بيْن الاسماء، وأن مسماه لفظ، فينبغي ألاَّ تلزم به كفارة، ولا يجوز الحلف به كما لو قلنا: ورزقِ الله، فإنَّ إضافة المحدَثِ إلى الله لا يُصَيِّره مما يجوز الحلف به، وإن قلنا: هو موضوع للقدر المشترك بين المسميات، والقاعدة أن الدال على الأعم غير دال على الأخص، وما يكون كذلك لا يحلف به، ولا يكون قسما إلا بنية أو عرف


(٦٣) عبارة القرافي هنا أخذ منها البقوري هذا التساؤل حيث جاء فيها قوله: ولا يمكن أن يقال: إنَّ عادة المسلمين لا يحلفون بغير الله تعالى وأسمائه فتنصرف جميع الأسماء لله تعالى بقرينة الحلف، لأنا نقول: إنا نجدهم يحلفون بآبائهم وملوكهم، ويقولون: ونعمة السلطان، وحياتك يا زيد، ولعمري لقد. قام زيد، فيحلف بعمره وحياة مخاطبه طول النهار، فليس ظاهر حالهم الانضباط ولا حصل في الأسماء القليلة الاستعمال عرفٌ ولا نقلٌ يعتمد عليه، فيستصحب فيها حكم اللغة، وأن اللفظ صالح للقديم، هذا هو الفقه.
وقد جاء النهي عن الحلف بالآباء وغيرهم، ففي الحديث ان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت".

<<  <  ج: ص:  >  >>