للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبيل إلى المشي لغيرها، عملا بالحديث، وقال آخرون: يمشي إلى مسجد الجمعة، وقال آخرون: يمشي إلى المسجد القريب. فقول مسجد الجمعة، لعل قائله يتمسك بمشيه عليه الصلاة والسلام إلى مسجد قُباء في كل سبت، وهو على ثلاثة أميال من المدينة. والقول بالمسجد القريب استحسان من غير مُدْرَك (٩٩).

قال شهاب الدين رحمه الله:

وسر الفرق أن النذر لا يؤثر إلا في مندوب، فمَا لا رجحان في فعله في نظر الشرع لا يؤثر النذر فيه. وسائر المساجد مستوية من جهة أنها بيوت للقربة، فلا يجب اختصاص واحد منها بالاتيان، إذ لا مرجح فيها كما كان المرجح في الثلاثة.

قلت: وهذا الكلام يقرر أن المدني إذا نذر المشي إلى المسجدين لا يلزمه ذلك على مذهب مالك الذي هي برجحان مسجد المدينة على سائر المساجد، ويلزم على مذهب الشافعي أن يوفي بنذر المشي إلى المسجد الحرام دون مسجد إيليا عند الجميع.

قال شهاب الدين: فإن قلت: إن المساجد أفضل من غيرها إجماعاً، وبعضها أفضل من بعض، للقدم أو لكثرة الجماعة أو لغير ذلك من أسباب التفضيل، فإذا كان كذلك فذلك يوجب أن من نذر الصلاة في مسجد من تلك المساجد أن يلزمه لوجود الرجحان، فأجاب بأن قال:

القاعدة الشرعية أن الفعل قد يكون راجحاً في نفسه ولا يكون ضمه لراجح آخر في نفسه راجحاً في نظر الشرع، وقد يكون ضمه راجحاً. فعلى هذا


(٩٩) قال ابن الشاط هنا: ما قاله القرافي من استواء المساجد وعدم الرجحان فيها دعوى لم يات عليها بحجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>