للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقدمة التحقيق (*)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبي الله ورسوله الأمين، سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.

وبعد، فإن كتاب "ترتيب الفروق واختصارها"، لمؤلفه الجليل، الفقيه العلامة الكبير، الشيخ أبي عبد الله محمد بن إبراهيم البقوري المتوفى بمراكش عام سبع وسبعمائة هجرية (٧٠٧ هـ) رحمه الله، يُعتَبر تراثا فقهيا هاما بين كتب تراث الفقه الاسلامي وقواعده الفقهية العامة على مذهب الإِمام مالك رحمه الله. ذلك أن مؤلفه رحمه الله اختصر فيه ورتَّبَ كتاب الفروق بين القواعد الفقهية، لشيخه الجليل، فريد دهره ووحيد عصره، الإِمام أبي العباس، شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي رحمه الله.

ومكانة كتاب الفروق، وأهميته العلمية من المعرفة والشهرة بمكان، ولا تخفى على أصحاب الفضيلة العلماء مشرقا ومغربا، منذ تأليفه في القرن السادس الهجري، حيث ظلوا يرجعون إليه ويعتمدونه في كثير من الفروع والمسائل الجزئية، المؤسسة على القواعد الكلية الفقهية، ولا يكاد كتاب من الكتب الواسعة في الفقه وقواعده وأصوله يخلو من ذِكره والإشارة إليه، والاستشهادِ بكلامه وقواعده الفقهية.

وقد أوضح شهاب الدين القرافي نفسُهُ هذه الأهميةَ والمكانة التي لكتابه الفروق في فقرات من ديباجته التي قدم بها لكتابه هذا حيث قال فيها رحمه الله:

"أما بعد، فإن الشريعة المعظَّمة المحمدية زاد الله تعالى منارها شرفا وعُلُوًّا، اشتملت على أصول وفروع، وأصولُها قسمان:

أحدهما المسمى بأصول الفقه، وهو في غالب أمره ليس فيه إلا قواعدُ الأحكام، الناشئةُ عن الألفاظ العربية خاصة، وما يَعْرض لتلك الالفاظ من النسخ والترجيح، ونحو، الأمرُ للوجوب، والنهيُ للتحريم، والصيغة الخاصة للعموم، ونحو ذلك، وما خرج عن هذا النمط إلا كونُ القياس حجة، وخبرُ الواحد، وصفاتُ المجتهدين.


(*) أعِيدتْ هذه المقدمة في هذا الجزءِ الثاني لما فيها من وضوح واضافات.

<<  <  ج: ص:  >  >>