للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والظهار يمكنه إسقاطه في نفسه بالكفارة ويصل إلى الاستباحة، فافترَقا. (١٣٦)

المسألة الحادية عشرة:

مالكٌ: إذا ظاهَرَ من أجنبية (١٣٧) لم يلزمه إلا بشرط التزوج، وإذا آلى منها لزمه الإيلاء متى تزوَّجَها، (١٣٨) وكلاهما يمنع الوطء، فلم كان ذلك؟

فالجواب أن حقيقة الظهار تشبيهُ محَلَّل بمُحَرَّم، وهذا المعني لا يوجد في الأجنبية لأنها محرَّمة، فيحصل تشبيه مُحرَّمة بمحرَّمة، وذلك غير ما وُضع له الظهار فلم يَلزمْ، وليس كذللك الإيلاء، لأنه يمين على ترك وطء، وهذا المعنى موجود في الاجنبية كوجوده في الزوجة، فافترقا.


(١٣٦) وأحكام الظهار وكفاراته جاء ذكرها في أول سورة المجادلة، إبتداء من قول الله تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ}. كما جاء ذكرها في أحاديث نبوية.
(١٣٧) اصطلاح المرأة الاجنبية في الفقه يعني كلَّ امرأة مسلمة ليست ذات محْرَم من محارم الانسان ولا ذاتَ قرابة من قرابته ولا صلة تجمعها به سِوى أخُوَّة الإسلام والإِيمان، ويجوز للانسان التزوجُ بها شرعًا، فهي بذلك المعنى أجنبية عنه، ويحرم عليه الاختلاءُ والاتصال والاستمتاع بها إلا بعد عقد شرعي مُستَجْمِع لشروط العقد الصحيح، وَمُسْتوفٍ أركانَه الاساسية كلها في الإسلام.
(١٣٨) الإيلاء هو الحلف من الزوج على عدم مباشرة زوجته مدة، وهذه المدة إن كانت أقلَّ من أربعة أشهر فله أن ينتظر انقضاء المدة، وعلى الزوجة الصبرُ لحين انتهائها، وإن كانت أكثرَ من أربعة أشهر، فللزوجة مطالَبَةُ الزوج عند انقضاء أربعة أشهر بالفَئ (ايْ العودة إلى علاقة زوجته ومعاشرتها الزوجية) أو الطلاق، فيجبره القاضي على ذلك حتى لا يضرَّ بالزوجة مَضرة غَيْرَ محتملة، وهذا ما أقرته مدونة الاحوال الشخصية المغربية في فصلها ٢٨، المتعلق بالتطليق للايلاء أو الهجر حيث جاء في هذا الفصل ما نصه:
"إذا آلى الزوج أو حلَف على هجْر زوجته وترك المسيس جاز للزوجة أن ترفع أمرها إلى القاضي الذي يؤجله أربعة أشهر، فإن لم يَفِىْ بعد الاجل طلقها عليه، وهذا الطلاق رجعي". وقد جاء ذكر الإيلاء وأحكامه في قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. سورة البقرة، الآية ٢٢٦. قال عنها القاضي أبو بكر ابن العربي المعَافري رحمه الله في كتابه أحكام القرآن: "هي آية عظيمة الموقع جدًا، يترتب عليها حكم كبير، اختلاف فيه الصحابة والتابعون وفقهاء الامصار، ودَقَّتْ مَدَاركها حسب ما ترونها من جملتها إن شاء الله".

<<  <  ج: ص:  >  >>