للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثالثة والعشرون:

قال ابنُ القاسم: عدة المريضة سَنةٌ، وعدةُ المرضِع ثلاث حِيَض، وفي كلا الموضعَيْن قدْ وُجِد المانع من الحيض.

فالجواب أن المانع في الرضاع يمكن دفعه بإزالة الوَلد عنها، فلهذا لم يكن بد من الحيض، لأن الأشهر إنما هي بَدل عن الحيض، ولا تنتقل إليها إلا مع عَدَمِه، وليْسَ كذلك المَرض، لأنه لا يمكن دفعُه، فانتقلت إلى الأشهر.

المسألة الرابعة والعشرون:

يصح شراء الأمة المعتدة، ولا يصحُّ عقد النكاح عليها، وفي كِلا الموضعَيْن فهو عقدُ معاوَضةٍ.

فالجواب أن المقصود من عقد النكاح الاستمتاع بالوطء، والاستمتاعُ ممنوع منه في العِدة، فلا يصِحُّ فيه عقد النكاح كما قلنا في المُحْرِمة: إنه لا يجوز العقد عليها ما كانت مُحْرِمَة (١٤٢)، لأن المقصود من العقد الاستمتاع، والاستمتاع ممنوع في حال الإحرام، ليسَ كذلك في الشراء، لأن البيع، المقصودُ منه المِلكُ، والمِلك يتضمن الانتِفاع بوجوه المنافِعِ كلِها، والاستمتاع داخِل فيها على سبيل التبَع لأنه هو المقصود، ألا ترى أنه يَصِح مِلك من لا يجوز له وطؤها مثْل أختهِ من الرضاعة وخالتِه وعمته من النسَب، وإن كان النكاح منفعة، ولا يصح عقد النكاح عليهن، ولأنَّ التزويج إنما مُنِع منه في العدة لأجْلِ فساد الأنساب، ولأنه لمّا جَاز بيْعُ الْأمة قبل أن يستَبْرِئها السَّيدُ من وطئه جازَ أن تُبَاع الأمَةُ من الزوج،


(١٤٢) أي مدة كونها محْرِمة، فما ظرفية مصدرية، على حد قوله تعالى في شأن عيسى ابن مريم عليه السلام مع أمه مريم: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (٣١) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (٣٢) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (٣٣) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ}. سوة مريم، آية: ٣٠ - ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>