للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الأولى: الإِجارة على الصلاة، فيها ثلاثة أقوال: الجواز، والمنع، والتفرقة بين أن يُضَمَّ إليها الأذأن أم لا، فتصح بضم الأذان، ولا تصح بدونه.

ووجه المنع أن ثواب صلاتِه له، ولو حصلتْ له الأجرة أيضا لحصل له المعوَّض منه والعِوض، وهو غيرُ جائز.

وحجة الجواز أن الأجرة بإزاءِ الملازمة في المكان المعيَّن، وهو غيرُ الصلاة.

ووجْهُ التفرقةِ أن الأذَان لا يَلْزَمُه، فيصح أخذ الْأجرة عليه، فإذا ضُمَّ إلى الصلاة قرب العقد من الصحة، وهو المشهور.

المسألة الثانية: أخْذُ الخارج في الجهاد من القاعد من (٦) أهل ديوانه جُعْلا (٦ م) على ذلك، أجازه مالك، ومنعه الشافعي وأبو حنيفة.

فوَجْهُ المنع أن ثواب الجهاد حاصل للخارج فلا يكون له غيرُه، مَخافةَ أن يجتمع (٧) العوضُ والمعَوَّضُ منه.

حجةُ مالكٍ عمَلُ الناسِ في ذلك للضرورة أن ينوب بعضهم عن بعض، (٧ م) لكن إذا كانوا أهلَ ديوان واحد، فإن تعددت الدواوين فلا يجوز، ويبقى العمل بموجب القاعدة المتَّفَقِ عليها.


(٦) كذا في ع، وهو ما عند القرافي، وفي ح: من القاعدين بالجمع، وفي ت: أخذ الخراج، ولعَلَّ ما في ع وما عند القرافي أظهر وأصْوَب، فلْيتأملْ.
(٦ م) والجُعل بضم الجيم كما سياتي هو نوع من الاجارة، وفي كل منهما بيعُ منافعَ، أو عقْدٌ على منافِعَ بعوض. فالاجارة هي معاوضة على منافع الأعيان، أي إنها تكون على منفعة الذات كالعَمل الذي يقوم به الأجير، وتكون المنفعة مباحة ومعلومة إمَّا بالزمان كالمياومَة والمشاهَرة، وإما بغايةِ العمل كخياطة الثوب مثلا. وأما الجُعْل فهو الاجارة على منفعة يضمن الاجيرُ المجعولُ له حصولها، وهو جائز، وذلك كالاجارة الإجمالية في الثمن والأجر على استخراج الماء من بئر أو تركيب قنوات، أو ردّ آبق من الانسان أو شارد من الحيوان مثلا، بحيث لا تحصل المنفعة الكاملة للجاعل إلا بإنجاز العمل وإتمامه كله من طرف المجعول له، وبالتالي لا يستحق المجعوُل له أجْره إلا بذلك، والأحكام التفصيلية للاجارة والجعل والكراء مستوفاة بِتَوسعُّ وتفصيل في مظانها من كتب التفسير والحديث والفقه، كما هو واضح ومعلوم عند العلماء والفقهاء. فليرجع إليها من أراد التوسع في الموضوع.
(٧) كذا في نسخة ع وت. وفي ح: أن يَجْمَعَ.
(٧ م) عبارة القرافي: "ولأنه باب ضرورة أن ينوب بعضهم عن بعض".

<<  <  ج: ص:  >  >>