للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنواع التصرفات كثيرة مما لا يثبت في الذمة، فالفرق بينهما من حيث إن التكليف شرط في الذمة بلا خلاف، وفيه الخلاف في الأهلية، والأهلية قبول بلا إلزام ولا التزام، والذمة فيها الإِلزام والالتزام. (١١٩)

فإن قلت: هُما من خطاب الوضح أو من خطاب التكليف (١٢٠)؟

قلت: الذي يظهر أنهما من خطاب الوضع، ويرجعان إلى التقادير الشرعية، وهي إعطاءُ الموجود حكمَ المعدوم، أو إعطاء المعدوم حكم الموجود، وأهلية التصرف من القسم الثاني، وهُوَ إعطاء المعدوم حكمَ الموجود، لأن النسبة لا وجود لها، وهي قدَّرها صاحب الشرعِ موجودةً عند وجود سببها.


(١١٩) قال ابن الشاط معلقا على ما جاء عند القرافي هنا في أهلية التصرف، إلي قوله ح أن كليهما معنى مقدر": ما قاله في ذلك ظاهر.
قلت: وقد تكلم علماء الاصول في مختلف مُؤلفاتهم على أهلية التكليف وشروطها وقسموها قسمين:
اهلية الوجوب (وهي ما عبَّر عنها القراقي بأهلية الذمة)، وهي تعنِي صلاحية الانسان لوجوب وثبوت الحقوق المشروعة له أو عليه، وهي قسمان: ناقصة وكاملة.
وأهلية الأداء (أهلية التصرفات)، وهي ما عبر عنه القرافي بأهلية المعاملة)، فهي صلاحية الانسان لأن تصدر منه أفعال يُعتدُّ بها شرعا، وهي كذلك قسمان: ناقصة وكاملة، فليرجع إلى تلك المباحث من أراد التوسع فيها في أصول الفقه.
(١٢٠) ومعلومٌ أن خطاب التكليف يعنى إلزام المكلف بالاحكام الشرعية الخمسة، وهي الوجوب، والاستحباب، والحِرمة، والكراهة، والاباحة، وخطاب الوضع هو جعل الشيء، أو كونه سببا لشئ آخر، أوَ شرطا له، أو مانعا منه. وقد فصَّلَ الكلامَ فيه كذلك علماءُ اصول الفقه، كما سياتي في القاعدة بعد هذه، وكما سبقت الاشارة إِليه في موضعه من الجزء الاول من هذا الكتاب الذي هو ترتيب الفروق واختصارها لمؤلفه البقوري، فرحمه الله، ورحم شيخه القرافي، ورحم كافة اهل العلم والفقه في الدين، ورحم كافة المسلمين، بمنه وفضله وكرمه، آمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>