للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنذكر مسائل متعلقة بالقاعدة المقررة بحسب الحرفين (٤٥):

المسألة الأولى:

قال الله تعالى، حكاية عن عيسى عليه السلام: {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ} (٤٦). فقال بعض المفسرين: إن ذلك وقع منه في الدنيا، وإن سؤال الله تعالى له قبل أن يدعيٍ ذلك عليه، فيكون التقدير: إن أكن أقوله فأنت تعلمه، فهما مستقبلان، جريًا على ما أصَّلنَاه (٤٧).

وقيل: السؤال يكون يوم القيامة، وهذا هو المشهور، فيكونان ماضيين، وتخْرِمُ هذه الآية ما أصلناه. فقال ابن السراج: يجب تأويلهما بفعلين مستقبلين، تقديرهما: إن يثبت في المستقبل (٤٨) أني قلته في الماضي يثبت أنك تعلم ذلك.

ومما يؤكد أن السؤال في الدنيا قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} (٤٩) وإذ للماضي، والمخبر بهذا هو محمد في دار الدنيا. وقيل: هذا كقوله تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} (٥٠).

ذكر شهاب الدين رحمه الله في هذه المسألة فائدة، ثم رتب عليها سؤالا.

فالفائدة قَال: اعلم أن عشرة أشياء في كلام العرب هي للاستقبال: الشرط، وجزاؤه، والأمر، والنهي، والدعاء، والوعد، والوعيد، والترجي، والتمني،


(٤٥) وصفها الإمام القرافي رحمه الله بأنها مسائل غريبة جليلة، وذكر أنها أربع عشر مسألة، وتحدث عنها بإسهاب وتفصيل، اقتصر الشيخ البقوري على إيراد تسع منها، سيرًا على منهجه في الاختصار.
(٤٦) سورة المائدة: الآية ١١٦.
(٤٧) وهو أن الفعل الذي يكون بعد إن، وكذا جوابها يتخلص للاستقبال، سواء أكان ماضيًا أو مضارعًا.
(٤٨) كذا في نسخة ح، ونسخة أخرى بصيغة الفعل المضارع، وهي أظهر وأوضح. والسبب مع ما قبلها من العبارة.
وفي نسخة ع: إن ثبت في المستقبل بصيغة الماضى، وهي حينئذ تؤول بالفعل المضارع.
(٤٩) سورة المائدة: الآية ١١٦.
(٥٠) سورة النحل: الآية ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>