للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"تفريع". قال اللخمي: لوْ شهِد أحَدُ الشهود بالثلاث قبْلَ أمس، والثاني باثنتين أمْسِ، والثالث بواحدةٍ اليومَ. لزم الثلاثُ، لأن ضمَّ الثاني للأول يوجبُ اثنتين قبل سماع الثالث، فلمَّا سمع الثالث ضُمَّ لهما، فلزمت الثلاث. وكذلك لو شهدَ الثاني بواحدة والآخَرُ باثنتين، لأن الثاني صح الأول طلقتان، فتضم إليهما طلقة الآخَر. وكذلك لو شهِد الأول باثنتين، والثاني بثلاث، والآخر بواحدة. هذا كله إذا عُلِمَت التواريخ، فإن جُهلت فيختلف في لزوم الثلاث او اثنتين، لأن الزائد عليهما من باب الطلاق بالشك. وقال أبو حنيفة: إذا شهِدَ أحدُهما بطلقة والآخَرُ بأكْثر لمْ يحْكَم بشيء، لِعَدَم كمال الشهادة. فلو شهِد أحدُهما ببائنة والآخَرُ برجْعيَّة ضُمَّتْ الشهادتان، لأنَّ الاختلاف ها هنا إنما هو في الصفة. قال مالك في المدَونة: إذا شَهِدَ أحَدهما أنه قال: إن فعلت كذا فامْرأتِي طالق، وشهِد الآخَرُ أنه قالَ ذلك في صَفَر، وشهِدا عليه، أو غيرهما بالفعل بعد صفر طُلِّقتْ، لاتفاقهما على التعليق والمعَلَّقِ والمعلَّقِ عليه، كما لو اتفقا على المُقَرِّ به واختلفا في زمن الاقرار. وإن شهدا في مجلس على التَّعليق، وشهِدَ أحدهما أنه فعل يوم الجمعة الشرْط، والآخرُ أنه فعله يوم السبت طُلِّقتْ، لاتفاقهما على التعليق ووقوع الشرْط، وكذلك لَوْ نَسَبَا قوله إلى مكانيْن، وِهذا بناء على أن القول الثاني خبر لا إنشاء، فلو صمّم كل واحد من الشاهدين على الانشاء لمْ يكنْ ضَم.


= وأما الفعل الذي لا يقْبلُ الضم، فكما إذا شهد شاهد أنه شاهد زيدا قتل عمراً، في شوال، وشهِدَ شاهدٌ آخَر أنه شاهَدَ قتله في ذي القعدة، وتعذر قبول الضم هنا من قبل أن القتل لا يتعدد.
وعلى ما تقرر تُشكلُ المسألة التي نُقل عن مالك رحمه الله مِن أنه إذا شهِدَ أحد الشاهدين أنه طلقها بمكة في رمضان، وشهد الآخر أنه طلقها بمصر في صفر طلقت من حيث إن المدة التي بيْنَ رمضان وصفر أكثر من مدة العدة، فعلى تقدير قصده تاسيسَ الانشاء، فالقولُ الثافي لا ينعقد به طلاق، لأنها قد انحلت عصمته عنها قبل هذا التاريخ بمقتضى شهادة الاول. وعلى تقدير قصد الخبر فالقولُ الثاني يبعِدُ اطلاع الشاهد على هذا القصد، لاحتمال القول الثاني قصدَ تأسيس الإِنشاء وقصد تاكيده، وقَصْدَ الخبر، وترجيحُ قصد الخبر بأنه الاصل لا يخفى ضعفُه، والله أعلم.
وما قاله القرافي بعد ذلك حكاية أقوال، ولا كلام فيها. وما قاله من الحمل على الخبر، فهو بناء على اصله، واما قاله فيما إذا شهد له شاهد الانشاء، صحيح، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>