وفي باب التنبيه على العلم وعدم التجرؤ على الفتوى فيه بغير علم قيل: "من كَرِهَ لا أدرى أصيبت مَقاتله، أي إنَ من تجرأ على الافتاء والإجابة في المسائل والاحكام الشرعية دون التثبت فيها ودون التأكد منها ولا يرضى أن يقول أمام الناس لا أدري، حتى يطلع على المسألة ويبحث عنها، عرض نفسه لِلاثم والوِزْر والهلاك في الدنيا والآخرة. وفي الحديث: "من أفتي بغير علم كان إثمُهُ على من أفتاه"، ولذلكم كان السلف الصالح من أئمة العلم ومذاهبه الفقهية يتحروْن في الفتوى والإجابة عن الأسئلة الدينية، حتى يتأكدوا ويتثبتوا من حكم الشرع في المسألة النازلة. فرحمهم الله، ورحم كافة المسلمين. وقد جاءت هذه الكلمة في بيتين لأبي بكر محمد بن دُريْد، صاحب كتاب الجمهرة في اللغة، نقلها الإِمام على أبو الحسن الماوردي في كتابه الشهير: (أدب الدنيا والدين)، قال فيها: جَهِلتَ فعاديت العلومَ وأهلها ... كذلك يعادى العلمَ من هو جاهل ومن كان يهوى أن يُرى متصدرا ... ويَكْره لا أدرى، أصيبتْ مَقاتله أي عرض نفسه للخطأ والزلل والهلاك، ويقال: من جَهِلَ شيئا عاداه. كما قيل أيضا: إذا لم تستطع شيئا فدَعْه ... وجاوِزْهُ إلى ما تستطيع (٤١) كذا في نسخة ت: وفي ع، وح، وبالحراسة، وعند القرافي بالحرابة، وهي أظهر في الموضوع. (٤٢) الناظور والناظر بالظاء المشالة، وبالطاء المهملة، هو سيد القوم، المنظور إليه منهم، وطلق على حارس الزرع والكرم وحافظِهِ وراعيه، والعبارة هكذا في جميع النسخ المعتمدة في التحقيق. وفي هذا الفرق عند القرافي قولُه: "حتى يقتل عندنا الناظور"، دون ذكر لكلمة غير، ولعل في الكلام نقصا يحتاج إلى تقدير، بحيث يحتاج تمام المعنى ووضوحُه إلى تقدير كلمة أخرى، وهي كلمة سواء، ويكون المعنى: عندنا الناظور وغيره سواء، أي في قتل الجماعة يقتل الواحده خلافا للقول بالدية في هذه الحالة. فليُتأمَّل في ذلك وليصحَّح والله أعلم.