للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم الثالث اختُلِف في التكفير به وهُوَ مَن أثبتَ الأحكام بدون الصفات فقال: الله عالمٌ بغير علم، ومتكلم بغير كلام، ومُريدٌ بغير إرادة، وكذا في بقية الصفات، وهو مذهب المعتزلة، فللأشعري ولمالك والشافعي وأبي حنيفة والقاضي في تكفيرهم قولان. (١١٧)

القسم الرابع اختلف أهلُ الحق فيه، هل هو جَهْلٌ تجب إزالته، أمْ هو حقٌّ لا تجبْ ازالته؟

فعلى القول الأول هو معصية، وما رأيت من يُكَفّر به، وذلك كالقِدم والبَقاء، هل يجب أن يعتقد أن اللهَ باق ببقاء وقديمٌ بقِدَم، ويعْصِي من لم يعتقد ذلك، أوْ يجب ألّا يعتقد ذلك، واعتقادُ خلافِ هذا جهْل، عكس المذهب الأول؟

والصحيح أن البقاء والقدم لا وجود لهما في الخارج، بخلاف العِلْم والإرادة وغيرهما من الصفات السبعة التي هي العلم والإرادة والقدرة والحياة والكلام والسمع والبصر. (١١٨)

القسم الخامسُ جهْل يتعلق بمتعَلَّق الصفات لا بالصفات، كتعلق إرادة الله تعالى ببعض الأشياء دون بعض من الكائنات وهو مذهب المعتزلة.


(١١٧) قال ابن الشاط: ما قاله (اي القرافي) في ذلك صحيح، وهو نقل لا كلام فيه.
(١١٨) قال ابن الشاط عن هذا القسم الرابع: ما قاله القرافي فيه صحيح، غير ما في قوله "باق بغير بقاء" من (إيهام التناقض، ومرادُ مَن عَبر بهذه العبارة ليس ظاهِرَها، بل مراده أن البقاء ليس بصفة ثبوتية (أي فهو صفة عدمية بمعنى عدم الفناء).
قلت: وهو ملحظ وجيه وتعقيب دقيق عند ابن الشاط رحمه الله، اذ لا يكاد الذهن يُسَلم عبارة القرافي ولا يتعقلها، ولا يستسيغها ولا يتصورها، ولا يكاد يدركها ويفهمها، ولذلك اعطاها الشيخ ابن الشاط ذلك المعنى الجليَّ والتوجيه والتفسير السليم لتكون عبارة معقولة وسليمة مقبولة، وقد كرت في تعليق سابق كيف ينبغي التعامل مع مثل هذه المباحث والموضوعات والعبارات العميقة عند بعض العلماء المسلمين رحمهم الله، فالأسلم للعامة ولِضعيف العلم والمعرفة عدم الخوض والتفلسف في مثل هذه الكلمات وعدم التعمق في إدراك دلولاتها العميقة، لأن التعمق فيها بتلك الصورة غير ضروري ولا مطلوب في فهم صفات المعاني، والصفات المعنوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>