للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كان الرَّائي فقيها كانت الولاية قضاءً، أو أميرًا فَوالٍ، أو من بيت المُلك فملِكٌ إلى غير ذلك.

وكذلك ينصرف للخير بقرينة الرائي وحاله، وإن كان ظاهره الشر فينصرف للشر بقرينة الرائي وحاله، كمن رأى أنه مات، فالرجُل الخيِّر ماتت حظوظه وصلحت نفسه، والرَّجُل الشريرُ ماتَ قلبُهُ، والمترادفة كالفاكهة الصَّفراء تدل على الهَمِّ، وحَمْلُ الصغير يدل عليه أيضا. والمتبايِن كالأخذ من الميت والدَّفع له، والمجاز والحقيقة كالبحر هو السلطان حقيقةً، ويعبَّر به عن سَعة العلم مجازا، والعموم كمن رى أن أَسنانه سفطت في التراب فإنه يموت أقاربه، فإن كان في نفس الأمْر إنما يموت بعض أقاربه قبل موته فهو عامّ أريد به الخصوص.

وأما أبو يوسف أبو حنيفة فالرؤيا تُرَى لشخص، والمراد من يشبهه أوْ مَن يتسمى باسمه، وبَسْطُ هذه التفاصيل في كتب التعبير (أيْ تعبير الرؤيا وتأويلها).

واعْلمْ أن للعبارة قوةً نفسية يخلقها الله على تلك الحالة، فبها يَقْدِر المعَبِّر على العبارة، فقد يكون ذلك لإِنسان بحسب الرؤيا فقط، وقد يكون ذلك لإِنسان آخرَ بحسب الرؤيا وغيرها، وذَلكَ أكمَلُ، ومن كانتْ له قوةُ نفسِ، ومعرفةٌ بالقواعد، وهو ذو علم، ينتفع بتعابِيره وتظهر منه العجائب في تفسيرها حتى إنه ليقال: إنه حديثٌ أخَذَه من الجن أوْلَهُ مُكاشَفة، والقوة النفسانية لا تُنال بسَعى كسْبٍ، وإنما هي موهبة من الله تعالى يهبها لمن يشاء من عباده (٢٣٨ م).


(٢٣٨ م) هذه الفقرة المختصرة الموجَزَةُ هنا عند البقوري، هي موضوع تنبيهٍ مفَصَّل، ومُطَوَّلٍ عند القرافي رحمهما الله جاء فيها قوله:
"إعْلَمْ أن تفسير المنامات قد اتسعَتْ تقييداته، وتشعَّبتْ تخصيصاته، وتنوعتْ تعريفاته، بحيث صار الانسان لا يَقْدرُ أن يعتمد فيه على مجرد المنقولات، لكثرة التخصيصات بأحوال الرائين-، بخلاف تفسير القرآن العظيم والتحدث في الفقه والكتاب والسُّنة، وغير ذلك من العلوم، فإنَّ ضوابطها إمّا: خصورةٌ أو قريبة من الحصر.
وعِلْمُ المنَامَات منتشِر انتشاراً شديداً لا يدخل تحت ضبط، فلا جَرَم أنْ إحتاجَ الناظر فيه مع ضوابطه وقرائنه إلى قوة من قوى الشفوس المُعِينة على الفراسَةِ والاطلاع على المغيَّبات، بحيث إذا توجَّه الحزْرُ إلى شيء، لا يكاد في يخطئ، بسبب ما يخلقه الله تعالى في تلك النفوس من القوة =

<<  <  ج: ص:  >  >>