[المبحث الخامس بيان أن الاشتراك خلاف الأصل]
الاشتراك مرجوح عند السامع، أي: إذا دار اللفظ بين كونه
مفرداً، وكونه مشتركا حمل على الانفراد دون الاشتراك، فالأصل
في كل لفظ أن يكون له معنى واحد فقط، أما أن يكون للفظ الواحد
أكثر من معنى - وهو: المشترك - فهو خلاف الأصل.
ودلَّ على أن اللفظ الذي له معنى واحد راجح، وأن اللفظ الذي
له أكثر من معنى مرجوح أدلة، من أهمها:
الدليل الأول: الاستقراء والتتبع للألفاظ العربية أثبت أن أكثرها
ألفاظ منفردة ليس لها إلا معنى واحد، والكثرة تفيد الظن والرجحان
فيكون اللفظ المنفرد بمعنى واحد أكثر وجوداً من اللفظ الدال على
معنيين فأكثر - وهو المشترك - فيكون مرجوحا؛ نظراً لقلته.
الدليل الثاني: لو كان الاشتراك راجحاً على انفراد اللفظ بمعنى
واحد أو مساويا له للزم من ذلك أمران باطلان:
أولهما: التسلسل وهو باطل.
بيانه: أنه لا يمكن فهم المعنى من اللفظ إلا بعد الاستفسار من
المتكلم عما أراده من ذلك اللفظ المشترك؛ لاحتمال أن يكون قد أراد
بذلك اللفظ معنى غير ذلك المعنى الذي فهمه السامع، وهذا
الاستفسار لا يكفي؛ لأن المستفسر منه سيأتي بلفظ يحتاج - أيضا -
إلى استفسار، وهكذا إلى ما لا نهاية له، وهذا تسلسل، والتسلسل