المطلب الثامن عشر هل العام المخصوص حُجَّة في الباقي؟
اللفظ العام إذا دخله التخصيص وأخرج بعض أفراده - بعد
التخصيص - هل يبقى حُجَّة فيما لم يخص أو لا؟
فمثلاً قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) عام في جميع الميتات
وهي مثلاً خمس ميتات - وهي: ميتة البقر، وميتة الغنم، وميتة
الإبل، وميتة السمك، وميتة الجراد - وجاءنا مخصص لهذا العموم
وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -:
"أحل لنا ميتتان ودمان، أما الميتتان فالسمك والجراد.. "،
فأخرج السمك والجراد، فصار الباقي ثلاث ميتات
- وهي: ميتة الإبل، والغنم، والبقر - فهل يحتج بقوله تعالى:
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) على ما بقي بعد التخصيص - وهي:
الثلاث الميتات - أو لا؟
لقد اختلف في ذلك على مذاهب:
المذهب الأول: أن اللفظ العام إذا دخله التخصيص يبقى حُجَّة
فيما لم يُخص مطلقا، أي: سواء كان المخصص متصلاً أو منفصلاً.
وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ لدليلين:
الدليل الأول: إجماع الصحابة - رضي اللَّه عنهم - على
الاحتجاج بالعمومات، واكثرها قد خص، فلم يمنعهم خروج بعض
الأفراد من أن يستدلوا باللفظ العام على ما بقي بعد التخصيص،
ولهذا صور كثيرة: