[المبحث العاشر هل كل مجتهد مصيب في الفروع أو المصيب واحد؟]
لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أن المصيب واحد من المجتهدين.
وأصحاب هذا المذهب يُسمون بالمخطئة؛ حيث إنهم يرون: أن لله
تعالى في كل حادثة حكما معينا، أصاب الحق من أصابه، وأخطأه
من أخطأه.
فمثلاً: إذا حدثت حادثة في الفروع، ولم يوجد دليل قاطع في
حكمها من نص، أو إجماع: فإنا نعلم أن لله تعالى فيها حكما
شرعيا معينا، فيطلب المجتهدون ذلك الحكم بشتى أنواع الاجتهاد:
فمن أدركه كان مصيبا، ومن لم يدركه كان مخطئا لا إثم عليه، ولا
يقطع بخطأ واحد بعينه من المجتهدين، ولا يقطع بإصابة واحد بعينه.
وهذا مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ لما يلي من الأدلة:
الدليل الأول: إجماع الصحابة السكوتي، بيانه:
أنه انتشرت عن الصحابة - رضي اللَّه عنهم - وقائع ومسائل خطأ
بعضهم بعضاً فيها، وصرخوا بلفظ الخطأ والإنكار، فلو كان كل
مجتهد في ذلك مصيبا لم يخطئ بعضهم بعضا، بل كان يقول
بعضهم لبعض: " أنا مصيب وأنت مصيب ".
وإليك بعض الأمثلة على ذلك: