المطلب السادس هل يشترط أن تكون العلَّة ظاهرة جلية أو يجوز
التعليل بالوصف الجلي والخفي؟
لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أنه يشترط أن تكون العِلَّة ظاهرة جلية.
وهو مذهب المالكية، وبعض الحنفية، وبعض الشافعية، وبعض
الحنابلة، وهو الحق؛ لأن المقصود من الوصف المعلل به إثبات
الحكم في الفرع، ولا يمكن هذا إلا إذا كان هذا الوصف جليا ظاهراً
في الأصل ويوجد في الفرع كما وجد في الأصل، أما إذا كان هذا
الوصف خفياً في الأصل فإنه لا يمكن إثبات الحكم بواسطته في الفرع
فمثلاً لو قلنا: إن عِلَّة الملك في البيع هو: التراضي بين المتبايعين،
فإن هذه العلَّة لا تصح؛ لأن الرضى من الأوصاف الخفية التي يتعذر
الوقوف عليَها بنفسها، لذلك لا بد أن نعلل الملك في البيع بأمر
ظاهر يكون مظنة تحقيق الرضا في البيع وهو: الإيجاب والقبول من
الطرفين، أو المعاطاة في الأشياء اليسيرة والحقيرة.
فإن الإيجاب والقبول من الطرفين في الأشياء النفيسة والمعاطاة في
الأشياء الحقيرة دليل على رضا المتعاقدين.
المذهب الثاني: أنه لا يشترط ذلك، بل يجوز التعليل بالوصف
الجلي والخفي، ولا فرق.
وهو مذهب أكثر الحنفية.