[المطلب الثالث هل العموم من عوارض المعاني حقيقة أو لا؟]
لقد عرفنا أن العموم من عوارض الألفاظ حقيقة، وهذا متفق
عليه، ولكن العلماء اختلفوا هل العموم من عوارض المعاني حقيقة
على مذاهب:
المذهب الأول: أن العموم ليس من عوارض المعاني حقيقة، بل
هو من عوارضها مجازاً، وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق
عندي؛ لدليلين:
الدليل الأول: أن من لوازم العام أن يكون اللفظ العام متحداً،
ومع اتحاده يكون متناولاً لأمور متعددة من جهة واحدة: فالأفراد
الذين تناولهم اللفظ يجب أن يكونوا متساوين في الحكم، فمثلاً
قولك: " أكرم الطلاب " يجب أن يتساوى جميع الطلاب بالإكرام،
فإكرام زيد يجب أن يكون مثل إكرام عمرو وبكر، وهكذا دون زيادة
أو نقصان.
أما لو قال: " عم المدينة المطر " - ونحو ذلك من أمثلة العموم
المعنوي أو المجازي - فهذا إطلاق مجازي متساهل فيه؛ لأن المطر قد
يكون في بعض الوديان والأماكن أكثر من البعض الآخر، كذلك لو
قال: " عم القبيلة العطاء " هو إطلاق مجازي؛ لأن الخليفة لا يمكن
أن يعطي كل فرد من أفراد القبيلة مثل ما أعطى الآخر، فعطاء رئيس
القبيلة يختلف عن عطاء غيره، فاختلفوا في الحكم.
بخلاف ألفاظ العموم، فإن الحكم متساو في جميع الأفراد،