[المطلب الثالث حكم التأكيد]
لقد اختلف في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أن التوكيد جائز عقلاً وواقع في اللغة.
وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق، لدليلين:
الدليل الأول: أنه لا يترتب على فرض وقوعه محال.
الدليل الثاني: أنه واقع في اللغة، والوقوع دليل الجواز، فإنه
بعد الاستقراء والتتبع ثبت وجود الألفاظ المؤكدة لألفاظ أخرى،
كقولنا: " جاء زيد عينه "، و " جاء العلماء كلهم "، ونحو ذلك.
المذهب الثاني: أن التأكيد غير جائز.
وهو مذهب بعض العلماء.
دليل هذا المذهب:
أن الأصل في الكلام التأسيس، والإفادة فائدة جديدة، والتأكيد
لا يفيد فائدة جديدة، فاللفظ الأول قد أفاد الغرض، فالثاني لا
داعي له، فلا يرد ذلك في كلام العرب.
جوابه:
أنا لا نُسَلِّمُ لكم أن اللفظ - المؤكد - لا يفيد، بل يفيد الاهتمام
بالمتكلم عنه، ودفع توهم المجاز من اللفظ المؤكَّد، وتضييق توسع الفهم.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف هنا - لفظي؛ لوجود التوكيد في الكتاب والسُّنَّة واللغة،
لكن الفريق الثاني يسمى ذلك باسم آخر.