[المطلب الرابع عشر هل يسقط الواجب المؤقت بفوات وقته؟]
إذا أمر الشارع بالفعل في وقت معين، فخرج الوقت ولم يُفعل
فهل يجب القضاء بأمر جديد، أو يجب القضاء بالأمر السابق؟
اختلف في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أن الواجب المؤقت لا يسقط بفوات وقته، وعلى
هذا: يكون القضاء يجب بالأمر السابق، ولا يحتاج إلى أمر
جديد، فلو لم يصل الفجر في وقتها، وطلعت الشمس فإنه يقضيها
بنفس الأمر الأول - وهو أمر الأداء -.
وهذا هو مذهب كثير من الحنفية - كالبزدوي، والخبازي،
والنسفي، واختاره القاضي عبد الجبار بن أحمد من المعتزلة، وهو
رواية عن الإمام أحمد، وهو مذهب كثير من الحنابلة كالقاضي أبي
يعلى، وابن قدامة، والحلواني، وهو الحق عندي؛ لأن الأمر أثبت
وجوب العبادة في ذمة المكلف، وكل ما ثبت وجوبه في الذمة، فلا
يمكن أن تبرأ الذمة منه إلا بشيئين هما:
أولهما: أن تؤدى تلك العبادة.
ثانيهما: أن يبرئه من كان له حق عليه من الآدميين، فلا تسقط
هذه العبادة إلا بأحد هذين الشيئين.
وبخروج الوقت لم يحصل الأداء، ولا الإبراء، فلم يسقط الوجوب.
فتكون الذمة مشغولة بهذا الوجوب، لا يزول هذا الشغل إلا
بمزيل له، وهو أحد الشيئين السابقين فقط.