[المطلب التاسع حكم التعليل بالحكمة]
الحكمة لغة: ما تعلقت بها عاقبة حميدة، وهي: بخلاف السفه.
وهي في الاصطلاح تطلق على ما يترتب على التشريع من جلب
مصلحة أو تكميلها أو دفع مفسدة أو تقليلها.
فيكون الفرق بينها وبين العلَّة: أن العِلَّة هي الوصف الظاهر
المنضبط الذي جعله الشارع مناطَا لثبوت الحكم؛ حيث ربط الشارع
به الحكم وجوداً وعدماً بناء على أنه مظنة لتحقيق المصلحة المقصودة
للشارع من شرع الحكم.
أما الحكمة فهي: المصلحة نفسها، ولذلك فإنها تتفاوت درجاتها
في الوضوح والانضباط.
فمثلاً: أباح الشارع للمسافر قصر الصلاة، وعلل ذلك:
بالسفر؛ حيث لا يختلف باختلاف الأفراد، ولا الأحوال فهو ظاهر
منضبط وهو مظنة للمشقة.
والحكمة هي: المصلحة التي قصدها الشارع.
كذلك: أجاز الشارع - مثلاً - للشريك أن يتشفع في مال شريكه
والوصف المنضبط في ذلك: الشركة فتكون هي العِلّة.
أما الوصف غير النضبط والذي يختلف باختلاف الأفراد والأحوال،
والذي قصده الشارع في التشريع، فإنه دفع الضرر عن الشريك
القديم من الشريك الجديد، وهذا هو حكمة التشريع.