[المبحث السادس هل يجوز الاجتهاد في زمان - صلى الله عليه وسلم -؟]
لقد - اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أنه يجوز الاجتهاد في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - مطلقا.
وهو مذهب أكثر المحققين من العلماء كالغزالي، والآمدي،
وفخر الدين الرازي، ومحمد بن الحسن، والقاضي أبي بكر
الباقلاني، وهو الحق عندي لما يلي من الأدلة:
الدليل الأول: أن - صلى الله عليه وسلم - قد جاءه خصمان يختصمان فقال - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن العاص: " اقض بينهما يا عمرو "، فقال عمرو: أنت أوْلى مني يا رسول اللَّه، قال: " وإن كان "،
قال عمرو: فإن قضيت، بينهما فما لي؟
قال: " إن أنت قضيت بينهما فأصبت القضاء
فلك عشر حسنات، وإن أنت اجتهدت فأخطأت فلك حسنة "
وهذا صريح في جواز الاجتهاد في زمنه - صلى الله عليه وسلم -.
الدليل الثاني: أن - صلى الله عليه وسلم - قال لعقبة بن عامر ولرجل من
الصحابة: " اجتهدا فإن أصبتما فلكما عشر حسنات، وإن أخطأتما
فلكما حسنة "، وهو في معنى الدليل الأول.
الدليل الثالث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
فوض الحكم في بني قريظة إلى سعد بن معاذ؛ حيث رضوا بحكمه، فحكم سعد فيهم برأيه واجتهاده،
فقال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - له:
" لقد حكمت بحكم اللَّه فوق سبعة أرقعة ".