[المطلب الخامس فيما تستعمل فيه صيغة الأمر - وهي: " افعل " -]
لقد سبق أن قلنا: إن الأمر هو: استدعاء الفعل بالقول على وجه
الاستعلاء، وقلنا - أيضاً -: إن للأمر صيغة وهي: " افعل "،
وينبغي أن تعلم هنا: أن صيغة " افعل " - أو ما يقوم مقامها - لا
تستعمل للأمر فقط، ولا تستعمل للوجوب أو الندب، بل تستعمل
لمعان أخر غير ذلك، وإليك بيان ذلك فيما يلي:
الأول: الوجوب كقوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ) .
الثاني: الندب كقوله تعالى: (فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً) ،
والصارف له من الوجوب إلى الندب هو: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر على الصحابة الذين لم يكاتبوا العبيد الذين كانوا تحت أيديهم
مع أن فيهم خيراً للإسلام والمسلمين.
الثالث: التأديب كقوله - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن أبي سلمة -:
" يا غلام، سم اللَّه، وكل بيمينك، وكل مما يليك ".
وبين الندب والتأديب عموم وخصوص، بيان ذلك:
أن التأديب خاص بإصلاح الأخلاق وتحسينها، وهذا أعم من أن
يكون من مكلف وغيره، أما الندب فهو خاص بالمكلفين، وهذا أعم
من أن يكون مختصا بإصلاح الأخلاق وغيرها.
الرابع: الإرشاد كقوله تعالى: (وأشهدوا إذا تبايعتم)
وقوله: (إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه) .