للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المبحث الثالث في مبدأ اللغات أي: هل اللغات توقيفية أو اصطلاحية؟]

لقد اختلف في ذلك على مذاهب:

المذهب الأول: أنه يجوز أن تكون اللغات كلها توقيفية، ويجوز

أن تكون كلها اصطلاحية، ويجوز أن يكون بعض هذه اللغات

توقيفي، وبعضها اصطلاحي، فإن جميع ذلك محتمل وممكن.

ذهب إلى ذلك القاضيان: أبو بكر الباقلاني، وأبو يعلى، وكثير

من أهل التحقيق.

وهو الحق عندي؛ لأن الاستدلال على كونها توقيفية، أو

اصطلاحية، أو احتمال الأمرين يكون إما عن طريق العقل، أو عن

طريق الواقع.

أما العقل، فإنه يجوز الأمور الثلاثة؛ حيث إن العقل متصور

لجميع هذه الأمور، فهي ممكنة وليست ممتنعة، " بحيث لو فرض

وقوعه فإنه لا يلزم عنه محال لذاته، بيان ذلك:

أن العقل يجوز كونها توقيفية؛ لأن اللَّه قادر على أن يخلق للناس

العلم بهذه الأسماء والألفاظ، ويسمعها بعضهم أو جميعهم،

ويخبرهم بأن هذه الأسماء قصدت للدلالة على مسمياتها ومعانيها.

والعقل - أيضا - يجوز كونها اصطلاحية، بأن واحداً قد انبعثت