للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المطلب الثاني حجيته]

لقد اختلف العلماء في النقض هل يقدح في العلية أو لا؟

على مذاهب:

المذهب الأول: أن النقض لا يقدح في العلية مطلقا فيما وراء

محل النقض، سواء كانت العلة منصوصة أو مستنبطة، وسواء كان

التخلف لمانع، أو لغير مانع.

وهو مذهب أكثر الحنفية، وكثير من المالكية، وبعض الحنابلة،

وهو الحق؛ لأن تخلف الحكم عن الوصف في بعض الصور إما أن

يكون عن دليل، أو لغير دليل.

فإن كان التخلف لدليل يدل عليه: لم يقدح؛ لأن هذا الدليل

يكون مخصِّصاً للدليل الذي دلَّ على العلية، والتخصيص جائز

باتفاق؛ لأنه يرد على العام مطلقا، سواء كان العموم مستفاداً من

اللفظ، أو من المعنى.

وإن كان التخلف لغير دليل: فإن هذا التخلف لا يُعتبر، ولا يُعتدُّ

به لعدم وجود الدليل، والمعتبر هو الدليل الذي دلَّ على العلية،

وبذلك لا يكون النقض قادحاً.

المذهب الثاني: أن النقض يعتبر قادحا للعلية مطلقاً.

المذهب الثالث: التفصيل بين العلَّة المنصوصة، فإن النقض لا

يقدح فيها، وبين العلة المستنبطة، فإن النقض يقدح فيها.