[المبحث الثاني هل المشترك ممكن وثابت وواقع في اللغة؟]
لقد اختلف في ذلك على مذاهب:
المذهب الأول: أن المشترك ممكن وثابت في اللغة وواقع.
وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق عندي؛ لقيام الدليل
على إمكانه وجوازه، وقيام الدليل على وقوعه.
أما الدليل على إمكانه وجوازه: أن المشترك يمكن أن يقع من
واضعين بأن وضع أحدهما لفظا لمعنى، ثم وضع آخر ذلك اللفظ
لمعنى آخر، كالعين مثلاً، فيمكن أن يكون أحدهما وضعه للجارية،
والآخر وضعه للناظرة والباصرة، ثم اشتهر ذلك اللفظ بين الطائفتين
في إفادة ذينك المعنيين.
ويمكن أن يقع من واضع واحد لغرض الإبهام؛ وذلك لأن
المقصود من الوضع قد يكون التصريح، وقد يكون الإبهام، حيث
يستلزم التصريح مفسدة، وهي اطلاع الغير على أشياء لم يرد اطلاعه
عليها، فوضعوا للأول - وهو المراد التصريح به - الألفاظ المفردة،
ووضعوا للثاني - وهو المراد إبهامه - الألفاظ المشتركة.
وأما الدليل على وقوعه فهو: أن القرء " يطلق علي " الطهر "
و" الحيض "، فهو إما أن يكون متواطئا، أو يكون حقيقة في
أحدهما مجازاً في الآخر، أو مشتركا.