المطلب العشرون تخصيص العِلَّة
قلنا: إن العِلَّة مطردة، ومعنى ذلك: أنه كلما ثبتت العِلَّة في
محل: ثبت بها الحكم، وهذا الاطراد هو بمثابة العموم؛ قياسا
على اللفظ:
فكما أن اللفظ الذي يشمل عدداً غير محصور يُسمى عاما، فكذا
العِلَّة التي تكون في محال كثيرة تسمى عِلَّة عامة من حيث وجودها
في كل هذه المواضع والمحال.
وإذا كان اللفظ العام يرد عليه ما يخصصه - كما سبق بيانه -:
فهل العلَّة التي ثبت وجودها في مواضعها، وتخلف حكمها في
مواضع منها يصح أن يحمل هذا التخلف على التخصيص، وتبقى
العِلَّة ويبقى حكمها فيما عداه من المواضع والمحال، أو أن وجودها
في موضع دون حكمها يؤثر عليها، ويكون هذا دليلاً على أنها
ليست بعِلَّة؛ لأنها لو كانت عِلَّة صحيحة لثبت بها الحكم في جميع
المحال.
لقد اختلف العلماء في ذلك على مذاهب.
المذهب الأول: أنه يجوز تخصيص العِلَّة مطلقا، أي: سواء
كانت منصوصة أو مستنبطة.
وهو مذهب كثير من الحنفية كالكرخي، وصدر الشريعة،
والدبوسي، وبعض الشافعية، كصفي الدين الهندي، وبعض