المبحث الثامن في حرف " مِنْ "
ترد لمعان هي كما يلي:
أولاً.: أنها ترد لابتداء الغاية في المكان وفى الزمان، فمثال المكان:
قولك: " لك من الأرض من هذا إلى هذا "، ومنه قوله تعالى:
(سبحان الذي أسرى بعبده من المسجد الحرام) ، ومثال الزمان
قولك: " الامتحان يكون من السبت "،
ومنه قوله تعالى: (ومن الليل فتهجد) .
ثانياً: أنها ترد للتبعيض، وهي التي يكون منها لفظ " بعض "
مثل: " كل من هذا الطعام "، و " خذ من هذه الدراهم ".
ثالثاً: أنها ترد لتبيين الجنس، مثل: " مشيت ميلاً من الأرض "
و" أكلت شيئاً من الطعام "، ومنه قوله تعالى:
(فاجتنوا الرجس من الأوثان) ، وقوله - صلى الله عليه وسلم -:
"التمس ولو خاتماً من حديد ".
واختلف العلماء في " من " هل هي حقيقة في ابتداء الغاية،
والتبعيض والتبيين، أو هي حقيقة في البعض دون البعض الآخر؟
على مذاهب ثلاثة: أصحها: أن " من " حقيقة في ابتداء الغاية؛
لكثرة استعمالها فيه، والكثرة يُرجح بها، وعلى ذلك فلا تستعمل
في غير ابتداء الغاية من المعاني إلا مجازاً، فتحتاج إلى قرينة.
رابعاً: أنها تأتي لتأكيد العموم - وهي الداخلة على نكرة لا
تختص بالنفي، فمثلاً لو قال. "ما جاءني رجل " لاحتمل أن
يكون قد نفى أنه جاءه رجل واحد.